بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تعرب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" عن تخوّفها من التردّيات التي شهدها العام الماضي في ما يتعلق بالحق في حرية التعبير والإعلام. فعلى الرغم من الأحكام المنصوص عليها في المادة 14 من الإعلان الدستوري لعام 2011 والالتزامات الدولية لليبيا، لم تنجح الحكومة في الدفاع عن هذه الحقوق وتأمين الحماية اللازمة للعاملين في قطاع الإعلام. ولا يزال الصحافيون، في ظلّ غياب الأمن، وتراجع سيادة حكم القانون في البلاد، يعيشون في خوف مستمرّ على حياتهم. فهم عرضة باستمرار للمضايقات، والتهديدات والاعتداءات التي غالباً ما يرتكبها بحقّهم أفراد غير منتمين إلى الدولة، انتقاماً لانتقاداتٍ قد وجّهت إلى أعمالهم.
وقد صدرت تقارير أفادت عن اغتيال ثلاثة إعلاميين ليبيين خلال الأشهر الإثني عشر الفائتة، أولهم المذيع على قناة تلفزيون ليبيا الحرة عزالدين قوصاد، الذي قتل في أغسطس من العام 2013 بإطلاق نار استهدفه بسيّارته، على يد ثلاثة مسلّحين. كما اغتيل بالرصاص أيضاً المصوّر الصحافي صالح عياد حفيانة وهو يوثّق احتجاجات ضد الميليشيات في طرابلس في شهر نوفمبر، وفي ديسمبر، لقي رضوان الغرياني صاحب ومدير محطة "راديو Tripoli FM" الإذاعية مصرعه على يد مجهولين لأسباب لم يكشف عنها. وتشهد هذه الحالات الثلاث، وما رافقها من عمليات خطف عدة، ومحاولات اغتيال كادت تودي بحياة عددٍ من الصحافيين الآخرين، على تدهور أوضاع الإعلاميين في ليبيا على مرّ العام المنصرم.
ومن الممكن ربط هذهالاحداث العدائية المتزايدة بحق الصحافيين في ليبيا، والتي تطال البيئة التي يعملون فيها، بالقوانين التي أقرّتها الحكومة الليبية في الفترة الأخيرة والتي تعرقل عملية تمتع المواطنين بالحق في حرية التعبير وتطرح تحديات خطيرة على حرية الإعلام، وآخرها القانون رقم 5 لعام 2014 الذي يجرّم كلّ عمل يشكّل مساساً بثورة 17 فبراير، وكلّ إهانات تطال إحدى السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو أحد أعضائها. ويشكّل هذا القانون خطراً يهدّد الحق في حرية الرأي، ويحدّ من مساءلة الحكومة من خلال تشريع قمع الانتقادات والآراء الحرة.
إضافةً إلى ذلك، واجه بعض الصحافيين حكماً بالسجن بتهم التشهير والتجديف، استناداً إلى موادّ من قانون العقوبات الليبي من عهد القذافي تتعارض مع الطموحات الديمقراطية لليبيا ومع الإعلان الدستوري. ومن الأمثلة على ذلك، قضية عمارة الخطابي، رئيس تحرير صحيفة الأمّة، الذي اعتقل في نوفمبر من العام 2012 لنشره قائمة بأسماء 87 قاضٍ ومدعٍ عام متهمين بالفساد. وقد أدين الخطابي بتهمة "إهانة السلطات الدستورية أو الشعبية" وواجه حكماً بالسجن مدة 15 عاماً بموجب المادة 195 من قانون العقوبات. وإلى حين صياغة هذا البيان، لا يزال الحكم في الدعوى المرفوعة ضدّه عالقاً.
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تناشد منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الحكومة بمراجعة التشاريع الليبية التي تمثّل انتهاكاً لحرية التعبير وحرية الصحافة. وفي هذا السياق، علّقت مدير المنظمة، إلهام السعودي بقولها: "تمثّل هذه القوانين تعدياً خطيراً على عملية انتقال ليبيا إلى الديمقراطية. وعلى عاتق الحكومة واجب يملي عليها، بموجب التزاماتها المحلية والدولية بحماية الحق في حرية التعبير والحق في حرية الإعلام، وهما من حقوق الإنسان الأساسية ومن الأركان الأساسية للديمقراطية. ومن المعلوم أنّ الإعلام الحرّ ضروري لضمان هذه الحقوق، بما أنه يتيح التدفق الحر للمعلومات ويضمن المساءلة والشفافية، ويمثّل مكوناّ أساسياً من مكوّنات الحكم الديمقراطي."