نيويورك،لندن، طرابلس، باريس – 7 مايو 2019 – تدعو كلّ من منظمة محامون من أجل العدالة فيليبيا والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى دعمالتقرير السابع عشر للمدعية العامة الذي قدّم اليوم فينيويورك. وترحّب المنظمتان بالبيان الأخير الصادر عن المدعية العامة للمحكمةالجنائية الدولية بشأن تصاعد أعمال العنف في ليبيا وتدعو إلى مزيد من الالتزام منجانب المجتمع الدولي في السعي إلى تحقيق المساءلة.
وكانت أعمال العنف في ليبيا قد شهدت تصاعداً منذأوائل أبريل 2019 بعد تقدّم الجيش الوطني الليبي نحو طرابلس بقيادة اللواء خليفةحفتر . منذ ذلك الحين، قامت المجموعات المسلّحة على اختلافها وانطلاقاً من مقرّهافي طرابلس باستهداف مناطق المدنيين في طرابلس والجوار، بما في ذلك مراكز الاحتجازالتي يقبع فيها اللاجئون وملتمسو اللجوء إلى أجلٍ غير مسمّى.
وفي 18 أبريل 2019، وجّه رئيس المجلس الرئاسيلحكومة الوفاق الوطني، فايز السرّاج، دعوةً إلى المحكمة الجنائية الدوليةومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى التحقيق في الجرائم والانتهاكات التيترتكبها قوات خليفة حفتر وإخضاع مرتكبيها إلى العدالة. وفيما أبدت ليبيا التزامهاباحترام العدالة الدولية في ما يشكّل خطوةً إيجابيةً ومرحباً بها على درب تحقيقالمساءلة، ينبغي لكلّ الهيئات الراسخة، بما في ذلك أيّ آلية تحقيق دولية مستقلة أنتعمل من أجل تحديد هويات المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسانمن كافة جوانب النزاع.
وفيما ننوّه بالبيان الأخير الصادر عن المدعيةالعامة للمحكمة الجنائية الدولية الذي تكرّر فيه التزامها بالتحقيق في الجرائمالمرتكبة، لا بدّ للمحكمة وللمجتمع الدولي العمل على تنفيذ هذا الالتزام سعياً إلىإحقاق العدالة والمساءلة في ليبيا. وقالت مروة محمّد، المسؤولة عن برنامج المناصرةوالتوعية في محامون من أجل العدالة في ليبيا: "على اعتبار أنّ السبل المتاحةلتحقيق العدالة في ليبيا محدودة جداً، لابد من أن توفّر الدول الدعم اللازم للمحكمة الجنائية الدولية، سيما وأنها منالجهات الرائدة في عملية تحقيق السلام. كما أنّه، ونظراً إلى أنّ المساءلة هيالطريق الوحيد لإعادة بسط سيادة القانون في ليبيا، نودّ أن نذكّر الدول أنّ ثمةسبل بديلة متاحة لتحقيق العدالة، ومنها إنشاء آلية تحقيق يمكن من خلالها تحديدهويات مرتكبي الجرائم ولجوء الدول إلى ولاياتها القضائية المحلية من أجل تحقيقالمساءلة الفردية."
من جهتها، قالت أمل نصّار، الممثلة الدائمةللفدرالية الدولية لحقوق الإنسان لدى المحكمة الجنائية الدولية: "تشكّل حالةليبيا أمام المحكمة الجنائية الدولية مثالاً على استعداد المدعية العامة للتصدّي للوضعالمتقلّب باستمرار. فإزاء أوامر القبض التي لم تنفّذ بعد والصادرة بحق ثلاثة منالمسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم حرب و/أو جرائم ضدّ الإنسانية، يعود بعضها إلىالعام 2011 وإزاء الموارد المحدودة المتاحة أمام المحكمة لتنفيذ المزيد منالتحقيقات، ينبغي للدول ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التقدّم خطوةً إلىالأمام نحو العدالة ومنع ارتكاب المزيد من الجرائم عن طريق تقديم الدعم للمحكمةوالتعاون معها."
ومن الجدير بالذكر أنّ حصيلة ضحايا النزاع من أوائل أبريل بلغت 278 قتيلاً و1332جريحاً، كما أدّى النزاع إلى تشريد أكثر من40 ألف فرد داخل البلاد. وغني عن القول إنّ استهداف المدنيين يشكّل جريمة حربوانتهاكاً لمبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين المنصوص عليه في القانونالدولي الإنساني. كما وقد ترقى الجرائم المرتكبة ضدّ المدنيين إلى جرائم ضدّالإنسانية إذا ما ارتكبت على نحوٍ واسعالنطاق أو منهجي ودعماً لسياسة ما.
يشكّل النزاع الدائر والمستمرّ في طرابلس دليلاً على تداعيات انهيارسيادة القانون في البلاد والحاجة الفورية إلى آلية دولية لا ترمي إلى تحقيقالمساءلة والعدالة عن الجرائم المرتكبة في ليبيا منذ الثورة عام 2011 فحسب بلوتشكّل رادعاً لارتكاب المزيد من الجرائم في المستقبل. كما أنّ غياب سلطة قضائيةمحلية قادرة على المباشرة بإجراءات جنائية قد نشأ عن الترهيب والتهديد الذي تعرّضله القضاة والمحامون وأعضاء النيابة العامة من قبل المجموعات المسلّحة والميليشيات.
نتيجةً لذلك، تبقى الحاجة ملحّةً إلى نظام فعّال للعدالة الدولية يمكن أنيعوّض عن ضعف أداء المحاكم، وإعادة سيادة القانون، وفي النهاية وضع حدّ لثقافة الإفلاتمن العقاب المنتشرة في ليبيا. فإنّ هذا الازدراء الصارخ لحقوق الإنسان وللسكانالمدنيين، مقروناً بغياب العدالة، هو الذي أفسح المجال أمام استمرار الجرائم.
في العام 2011، استجاب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشكلٍ سريع للعمل على منع الجرائمالمستقبلية بما في ذلك عن طريق إحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائيةالدولية. ولم يتكرّر هذا الالتزام بحماية المدنيين وحقوقهم الأساسية في السنواتاللاحقة.
إنّ اختصاص المحكمةالجنائية الدولية في ليبيا لا يزال قائماً وتمّ تأكيده في ما يتعلّق بالجرائم التيارتكبها الورفلي، أحد حلفاء اللواء حفتر والجرائم المرتكبة بحق المهاجرين. ولكن،ينبغي للدول، ولكي تتمكن المحكمة من تطبيق ولايتها، إبداء التزامها بالمحكمةوبالعدالة الدولية عن طريق تقديم الدعم اللازم لتيسير عمل المحكمة الجنائيةالدولية في ليبيا.
بالإضافة إلى ذلك،ينبغي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أداء دور أشدّ فعالية في تيسير الوضع الذيأحاله إلى المحكمة، وقد قدّمت المدعية العامة اقتراحاتمنوعة حول الخطوات التي يمكن للمجلس اتخاذها للقيام بذلك.