يصادف اليوم مرور ثلاث سنوات على اختفاء المدافعة الليبية عن حقوق الإنسان وعضو مجلس نواب طبرق، سهام سرقيوة. التي اختُطفت من داخل منزلها في بنغازي. وبالرغم من مزاعم التحقيق في قضيتها تجريه السلطات الليبية، إلاّ أنّ مصير سهام ما زال مجهولاً وكذلك مكان وجودها، ولم يحاسب أحد على اختفائها حتى اليوم. ممّا لا شكّ فيه أنّ قضية سهام تجسّد مثالاً عن الجرائم المستمرّة التي تُرتكب في ليبيا ولا يُحاسب عليها.
يصادف في هذا اليوم أيضاً اليوم العالمي للعدالة الجنائية الدولية. وفي هذه المناسبة، تشدّد محامون من أجل العدالة في ليبيا على الحاجة الملحّة لأن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بأداء دور أهمّ في ليبيا من خلال تكثيف التحقيقات والملاحقات الجنائية المحتملة، وتقديم استجابة هادفة لمطالب الشعب الليبي بالعدالة والمساءلة. فعلى مدى سنوات، أُعيق مسار العدالة في ليبيا نتيجة حلقات العنف المستمرّة وسوء إنفاذ القوانين وبسبب أطر العمل القانونية غير الملائمة، وبالتالي فإنّ منظومة العدالة الليبية ما زالت عاجزةً عن معالجة جسامة الانتهاكات المرتكبة في أرجاء البلاد. وقد استنتجت دراسة حديثة نشرتها محامون من أجل العدالة في ليبيا أنّ 79 بالمئة من أصل 388 مستجيباً يعتقدون أنّ المحاكم الجنائية الليبية وحدها عاجزة حالياً عن تحقيق العدالة المستقلة وغير المنحازة.
"القضاة الليبيون ببساطة غير لائقين للنظام القضائي لأن عقولهم لا تزال في كلية القذافي للحقوق. ويجب إشراك المحاكم الدولية حتى يتعلم الجيل الجديد المبادئ الأساسية للقانون ".
- شابة أمازيغية من طرابلس.
كما وكشفت الدراسة عن دعوة واضحة من جانب الشعب الليبي إلى تحقيق المساءلة وكشف الحقيقة وتوفير جبر الضرر . إذ يدعم 96 بالمئة من المستجيبين الملاحقات الجنائية عن الجرائم الخطيرة والانتهاكات الجسيمة الماضية والمستمرة. ولما كان الضحايا وعائلاتهم يفتقرون حالياً إلى سبيلٍ يسمح لهم باستيفاء هذه الحاجة الملحّة، فإنّ على آليات العدالة الدولية أن تقوم بسدّ هذه الثغرة وتوفير البديل.
ومن الجدير بالذكر أنّ المحكمة الجنائية الدولية قد باشرت التحقيق في الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة في ليبيا منذ العام 2011 بعد إحالة الحالة في ليبيا إليها بقرارٍ من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، لم تحرز المحكمة الجنائية الدولية أي تقدّم ملموس في مجال تحقيق المساءلة للضحايا والمجتمعات المتأثرة ولم تنجح في إشراكهم بإجراءاتها. وقد ذكر 90 بالمئة من المستجيبين المشاركين في الدراسة الحديثة التي أجرتها محامون من أجل العدالة في ليبيا أنهم لا يعرفون شيئاً أو ربما تتوفّر لديهم معلومات قليلة فحسب عن المحكمة الجنائية الدولية. بينما أفاد 38 بالمئة منهم فقط أنهم يثقون في آليات العدالة الانتقالية مثل المحكمة الجنائية الدولية، مع انتقادات من جانب منظمات المجتمع المدني.
"إنّ بعض الضحايا غير مدركين لوجود المحكمة الجنائية الدولية نظراً لغياب الوعي حيال المحكمة في ليبيا، وبذلك نعني أنّ الشعب لم يتعرّف على إجراءات المحكمة وعملية الشكاوى ولم يتلق المعلومات بشأنها. فالجمهور عموماً والضحايا خصوصاً غير مطلعين بهذا الشأن، فعلى سبيل المثال لا أحد يعرف ما الذي حلّ بالوضع في ليبيا."
- أحد أفراد المجتمع المدني في ليبيا
"إنّ الضحايا الذين تواصلت معهم راغبون في الالتجاء إلى الجهات الدولية ولكنّهم يترددون لأنهم لا يثقون بهذه الجهات ولأنّ إجراءات الحماية غير واضحة بالنسبة إليهم."
- أحد أفراد المجتمع المدني في ليبيا
اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات، تجسّد قضية سهام مثالاً عن حالة الإفلات من العقاب المستشرية في ليبيا حيث يستمرّ ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من دون حسيب في مختلف أرجاء ليبيا. في المقابل نواصل من جهتنا المطالب بالمساءلة عن اختفاء سهام سرقيوة، وبالعدالة لضحايا الجرائم كلها في ليبيا.
فلتحقيق العدالة في ليبيا، يظل دور المحكمة الجنائية الدولية حيوياً ولكي تؤدي المحكمة دوراً أكثر فعالية في ليبيا، يجب أن تحسّن من تواصلها مع المجتمعات المتأثرة في البلاد وتضمن مشاركة الضحايا بشكلٍ هادف في عملية العدالة الدولية أمام المحكمة. ويشمل ذلك إعداد استراتيجية تواصل فعالة من خلال التعاون الاستباقي بين مختلف هيئات المحكمة تكون مفصّلةً بشكلٍ يلائم السياق الليبي.
كما يتعين على المحكمة الجنائية أيضاً أن تعزز علاقتها مع المجتمع المدني الليبي بحيث تُبنى على الاحترام المتبادل والتواصل الحقيقي بين الطرفين. فمن خلال التأكّد من إطلاع الضحايا والمجتمعات المتأثرة وإشراكهم في عملها، يصبح بإمكان المحكمة المساهمة في مطالب الشعب لتحقيق العدالة في ليبيا.
"تخلّت عنّا المحكمة الجنائية الدولية، ورغم ذلك، نحن مستعدون دوماً لتقديم أي معلومات تحتاجها".
- أحد أفراد المجتمع المدني في ليبيا
"يريد مئات الضحايا التواصل مع المحكمة ولكنهم لا يعرفون كيف. حتى بالنسبة إلى منظمات المجتمع المدني الأمر صعب."
- أحد أفراد المجتمع المدني في ليبيا