إحاطة المدَّعي العام أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا تأخذ في الاعتبار مخاوف المجتمع المدني الملحَّة بشأن استراتيجية الإنجاز التي يتبعها

16/5/2024

يوم الثلاثاء، قدَّم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (المحكمة) إحاطةً إلى مجلس الأمن الدولي (المجلس) بشأن التطورات المتعلقة بالوضع في ليبيا، وأبرزها تحديد خارطة الطريق التي وضعها لاستكمال جميع التحقيقات في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة في ليبيا، بحلول نهاية عام 2025.

قبل تقديم هذه الإحاطة، أرسلت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، إلى جانب 17 منظمة مجتمع مدني دولية وليبية، رسالةً إلى المدّعي العام تُعرب فيها عن قلقها بشأن قدرة مكتب المدَّعي العام على استكمال التحقيقات ضمن الإطار الزمني المحدد بعام 2025. وقد لاحظنا على وجه الخصوص عدم تعاون ليبيا الفعَّال مع المحكمة على مدى السنوات الـ 13 الماضية، وغياب معايير واضحة يجب الوفاء بها لاستكمال أنشطة التحقيق بشكل فعَّال بحلول نهاية عام 2025.

وفي أعقاب الإحاطة التي قُدّمت يوم الثلاثاء، نرحّب بإعلان المدَّعي العام أنّ استكمال التحقيقات مرهونٌ بتعاون السلطات الليبية وأنه اعتمد مجموعةً من المعايير لإتمام التحقيقات، بما في ذلك إصدار عدة أوامر اعتقال إضافية وإجراء محاكمة واحدة على الأقل أمام المحكمة قبل نهاية عام 2025.

إلّا أنّ الإحاطة لم تتطرَّق إلى المخاوف بشأن عدم تعاون السلطات الليبية. وفي حين أشار المدَّعي العام إلى أنّ السلطات في طرابلس أصدرت تأشيرات دخول متعددة لموظفي مكتب المدعي العام في الأشهر الستة الماضية، وأشار إلى اجتماعات رسمية مع السلطات، بما في ذلك النائب العام، حول فُرص وضع استراتيجية إنجاز في الوضع في ليبيا، فإننا نؤكد مجدداً ضرورة أن يذهب التعاون إلى أبعد من ذلك. يتعيّن على السلطات الليبية أن تعمل بنشاط من أجل تسهيل التحقيقات الفعالة في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك المناطق الشرقية والجنوبية حيث يؤدي الوصول غير الآمن والمقيَّد الذي تسيطر عليه مختلف الجهات الفاعلة إلى العديد من العقبات. ولم يقدِّم المدعي العام معلومات عن كيفية إجراء مكتبه للتحقيقات في هذه المناطق أو كيفية التعاون مع السلطات والجهات الفاعلة ذات الصلة.

كما يجب على السلطات الليبية أن تتعاون في القبض على المشتبه بهم المطلوبين ونقلهم إلى المحكمة، كما في حالة سيف الإسلام القذافي الذي صدرت بحقِّه مذكرة توقيف علنيّة منذ عام 2011. كذلك تتطلب مذكَّرات التوقيف الأربع الأخرى التي أعلن عنها المدعي العام في أيار/ مايو 2023، على الرغم من كونها تحت الختم، تعاونَ ليبيا والدول الأخرى.

وفي الرسالة المشتركة التي أرسلناها إلى المدَّعي العام، حثثناه أيضاً على ضمان التشاور الهادف مع منظمات المجتمع المدني والناجين وأُسر الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة أثناء وضع استراتيجية الإنجاز وتنفيذها.

ونحن نُرحّب بخطة المدَّعي العام لإجراء محادثات منتظمة مع المجتمع المدني والناجين وأسر الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة في الأشهر الثمانية عشر المقبلة وما بعدها. وهذا أمرٌ ضروري لإنجاز المهمة بنجاح، ولكي يكون للمحكمة تأثيرٌ ملموسٌ في ليبيا ومواصلة بناء علاقة ثقة مع المتضررين من الجرائم المرتكبة.

ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف يعتزم المدَّعي العام والمحكمة تيسير هذه المشاركة. فآلية التفاعل والاجتماع المنتظمة التي يُزعم أن مكتب المدَّعي العام قد وضعها، لم تدخُل حيِّز التنفيذ بعد، ويتعيَّن على مكتب المدعي العام أن يحدد كيفية تيسير هذه الآلية للمشاركة الآمنة والهادفة.

لذا، نأسف لأنَّ المدَّعي العام لم يعترف في إحاطته بالبيئة القمعية التي تواجهها منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان العاملين في ليبيا في ظلِّ حملة القمع الشديدة التي تفرضها السلطات الليبية. وفي ظلِّ الوضع الراهن، لا يمكن لمكتب المدَّعي العام التشاور بشكلٍ هادف مع منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في طرابلس ومناطق أخرى من ليبيا. ويجب على المدَّعي العام أن يستكشف على وجه السرعة كيف يمكن التشاور في ظل هذه الظروف، وأن يوضّح للسلطات الليبية أنَّ حماية منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك قدرتهم على دعم تحقيقات مكتبه، عنصر حاسم في استراتيجية الإنجاز التي يتبعها.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، ترى مؤسسة محامون من أجل العدالة في ليبيا أنّ المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تكون أداةً حاسمةً لتعزيز المساءلة في ليبيا إذا ما استطاعت أن تضع أصوات وتجارب الضحايا والناجين والمجتمعات المحلية المتضررة والمجتمع المدني الذين يعملون بلا كللٍ من أجل تحقيق العدالة والمساءلة في ليبيا في صُلب اهتماماتها. ونحن نتطلَّع إلى أن يعالج المدعي العام والمحكمة شواغلنا على نطاق أوسع من أجل تعاون أفضل.

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك