بعد صدور تقارير عن وقوع عملية إعدام أخرى بإجراءات موجزة شرقيّ ليبيا، محامون من أجل العدالة في ليبيا تستنكر هذه الأفعال التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وتدعو المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق مباشر في القضية.
عُثر في منطقة الأبيار على بعد 50 كيلومتراً شرقيّ بنغازي على جثامين تعود لـ36 رجلاً مكبّلي الأيدي بدت عليهم آثار التعذيب الشديد وألحقت بهم إصابات حادة منها طلقات رصاص في الرأس.
وكان قد سبق لمنظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا أن شجبت سلسلةً من عمليات الإعدام المشابهة. فهذه الإعدامات بإجراءات موجزة تشكّل جريمة حرب وجريمة ضدّ الإنسانية نظراً للطريقة التي ارتكبت فيها على نحوٍ واسع ومنهجي. كما يعتبر هذا النوع من الإعدام جريمةً بموجب قانون ليبيا المحلّي، إذ يحّظر القانون رقم 10 لسنة 2013 بشأن تجريم التعذيب والإخفاء القسري والتمييز على كلّ شخص أن يقوم بنفسه أو يأمر غيره بإلحاق معاناة بدنية أو عقلية بشخص معتقل تحت سيطرته.
تشير محامون من أجل العدالة في ليبيا إلى البيان الصادر عن وزارة العدل بحكومة الوفاق الوطني في 28 أكتوبر 2017 المستنكر للحادثة، و بدعوتها للجهات المختصّة وعلى رأسها النيابة العامة مباشرة التحقيق في القضية، إلاّ أنّها تلفت إلى أنّ النيابة العامة الليبية لم تتخذ أي إجراءات لمباشرة التحقيق في جرائم سابقة، الأمر الذي ساهم في انتشار ثقافة الإفلات من العقاب وإضفاء الدولة صفة مؤسساتية على انتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة في البلاد.
سعياً لتحقيق المساءلة عن هذه الجرائم، تذكّر محامون من أجل العدالة في ليبيا باختصاص المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في ليبيا. فالدولة الليبية بامتناعها عن اتخاذ أيّ إجراءاتٍ في هذا الصدد قد أثبتت عدم قدرتها الفعلية على قيادة التحقيقات في الجرائم الخطيرة أو ملاحقتها قضائياً. وكانت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمراً بالقبض على محمود الورفلي لمسؤوليته المزعومة عن إعدام 33 شخصاً. وبالتالي، على المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية أن يباشر إجراء تحقيق فوري أيضاً في الجريمة المماثلة التي ارتكبت في الأبيار والتي تشكّل جريمة حرب وجريمةً ضدّ الإنسانية.
كما تحثّ محامون من أجل العدالة في ليبيا مكتب المدعي العام على إصدار مذكرات قبض بحق المتهمين بارتكاب جرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فيما ينبغي على الدولة الليبية أن تدعم التحقيقات التي تجريها المحكمة وتسهّل عملية توقيف المتهمين.
وعلّقت مدير محامون من أجل العدالة في ليبيا إلهام السعودي على الحادثة بقولها: "ما جرى في الأبيار مثال آخر عن الحصانة التي تتمتع بها المجموعات المسلّحة في ليبيا. فالبرغم من الوعود المتكرّرة للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة، لم تتمكن الدولة الليبية من جلب مجرم واحد أمام العدالة، ولا يزال مرتكبو القتل والتعذيب والإساءة بحق المدنيين وبحق كلّ من اختطف أو أصيب بعد ثورة العام 2011 طليقين بلا حسيب أو رقيب. وفي ظلّ غياب تام لآليات الردع على الأرض، ثمة حاجة ملحّة لأن تقدم المحكمة الجنائية الدولية على تحقيق المساءلة في ليبيا منعاً لارتكاب المزيد من الجرائم."
وأخيراً، تدعو محامون من أجل العدالة في ليبيا مكتب المدعي العام للتحقيق في الوضع في ليبيا وإصدار مذكرات توقيف بحق المتهمين بارتكاب أو الأمر بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك بحق من هم في أعلى مستويات المسؤولية.