في الذكرى الثالثة لـ 17 فبراير، "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تدعو للتأمّل واستخلاص العبر
في الذكرى الثالثة لثورة 17 فبراير، تودّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن تهنّئ الليبيين جميعاً بهذه المناسبة وهي تفتخر بإنجازات الشعب الليبي في تحقيق الحرية وإنهاء عهد كاملٍ من القمع والاستبداد. كما تستفيد من الفرصة للتأمّل والتفكير في أشكال الصراع الحالية التي تعيشها ليبيا، وفي تقدّم الدولة على درب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
فقد شهد العام الماضي مرةً بعد خوض ليبيا الكفاح من أجل حماية حقوق الإنسان وتعزيزها. وتعرب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" اليوم عن تخوّفها من انعدام الاستقرار في البلاد، نتيجة قيام المجموعات المسلّحة غير المشروعة بأعمال عنف مستمرّة، بما في ذلك عمليات القتل الخارجة عن سياق الإجراءات القضائية، وعمليات الخطف، والاعتداءات على مؤسسات الدولة والإعلام، متمتعين بحصانةٍ مطلقة. ولا تزال التداعيات المباشرة للصراع تلقي بثقلها على عددٍ كبيرٍ من الليبيين، وتبقى مجموعات كثيرة من النازخين داخلياً، وبالأخص، أهالي تاورغاء الذين مُنعوا من العودة إلى ديارهم واستهدفتهم اعتداءات انتقامية بدون تمييز، وعانوا الاحتجاز التعسّفي والتعذيب من قبل مجموعات مسلّحة بصورة غير مشروعة. ووفقاً للجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول ليبيا، فإنّ هذه المعاملة القاسية والمستمرة لأهالي تاورغاء من قبل هذه المجموعات تصنّف في عداد الجرائم ضدّ الإنسانية.
وتضمّ مرافق الاحتجاز في ليبيا ما يقارب الثمانية ألف محتجز لقضايا متصلة بالمرحلة الانتقالية، في ظروفٍ دون المعايير المقبولة ومن دون حق اللجوء إلى الوسائلالقانونية. وقد وثّقت علامات التعذيب المنتشرةالتي يقع ضحيتها المحتجزون، والمهاجرون، بشكلٍ خاص. فإنّ عدم تمكّن المحتجزين من الاستعانة بالقانون، وغير ذلك من الحقوق الأساسية، تعني بقاء عدد كبير من المساجين قابعين في ظروف غير ملائمة، من دون أملٍ لهم في الحصول على محاكمة عادلة.
كما تخشى منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أيضاً الاتجاه السائد والمتزايدفي استخدام بنى الدولة بهدفتقييد الحريات الأساسية للمواطنين. في شهر يونيو، دخل قانون العزل السياسي حيّز التنفيذ، وهو يعدّبنطاقه الواسع، واستبعاده للأفراد الذين ارتبطوا بنظام القذافي، أو كل من "اتخذ موقفاً معادياً لثورة 17 فبراير"، وبنصّه المبهم، مناسباً لاستخدامه كأداة عقاب. فهذا القانون لا ينتهك حقوق الأفراد في المشاركة السياسية فحسب، بل يقيّد إلى حدّ بعيد الحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية.
وقد شهدنا على هذا الميل لاستخدام مؤسسات الدولة من أجل إسكات المعارضة السياسية ثانيةً في وقتٍ سابقٍ من الشهر الجاري، عندما أقرّ المؤتمر الوطني العام قانوناً يعدّل قانون العقوبات باستحداث مخالفات جرمية جديدة لأي أعمال قد تشكّل مساساً بثورة 17 فبراير وكلّ إهانات تطال إحدى السلطات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو أحد أعضائها. ويعتبر هذا القانون بمثابة اعتداء خطير على الحق في حرية التعبير، وهو أحد حقوق الإنسان الأساسية.
بمناسبة ذكرى ثورة 17 فبراير، تودّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن تذكّر المؤتمر الوطني العام بولايته الديمقراطية المتمثّلة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها وتناشده التوقف عن إقرار تشاريع تتناقض لا مع روحية الثورة فحسب، بل تخالف أيضاً الإعلان الدستوري المؤقت والالتزامات الدولية لليبيا.
وفي هذا السياق، صرّحت مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، إلهام السعودي بقولها: "تمثّل هذه الذكرى فرصةً سانحةً وحقيقيةً للمضيّ قدماً. في العشرين من الشهر، سوف نتوجّه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الهيئة المسؤولة عن دستور ليبيا الدائم. ولربما يشكّل الوضع الأمني، وانعدام الاستقرار السياسي وغياب المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان عوامل من شأنها أن تعرقل هذه العملية. ولكنّها قد تمثّل في المقابل حوافز تشجّعنا على المشاركة في العملية الدستورية، التي لن تتكلّل بالنجاح إلا إذا اتسمت بالشمولية ومثّلت الليبيين جميعاً."
إذا كان على الدستور أن يتوّج بالنجاح ويتمتع بالسلطة، لا يمكن أن يكون سبباً لخلافٍ أو شقاق. بل يفترض به أن يعكس مصالح ليبيا كافة ليتمكّن الأفراد من أن يتمتعوا بالحماية والتمثيل بموجب نصّ هذا الدستور. والطريقة الأسلم لتحقيق هذا الأمر، إنما تتمثل في أن تكون الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور متنوّعةً وتمثيليةً مثل ليبيا تماماً، لا مؤلّفة من كتل وفئات سياسية. وقد أضافت السعودي: "تحثّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الناخبين على عدم التصويت على أساس سياسي، بل اختيار المرشّحين الذين يمثّلون باعتقادهم قيم مجتمعاتهم المحلية، والقادرين بحكم مؤهلاتهم على صياغة دستورٍ يحمي فعلياً حقوق الإنسان لكل مواطن ليبي."
يمكن الاطلاع على مقاطع فيديو من منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" حول المشاركة في الانتخابات على الرابط:
يمكن الاطلاع على مزيد من المعلومات حول الانتخابات المقبلة والمرشحين لعضوية لجنة الستين هنا: من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات
إستمع إلى المدير إلهام السعودي في مناقشة "الحرية الثورية" على "بي بي سي وورلد سرفيس" كجزء من موسم الحرية هنا