مع اقتراب اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 أغسطس، يدعو ائتلاف من المنظمات غير الحكومية الدول الأفريقية لوضع حدّ لهذه الممارسة فوراً، وإخضاع مرتكبيها للمساءلة، وللبحث عن المختفين وتقديم الجبر للضحايا وعائلاتهم
وقد عمل كلّ من المنظمات التالية: المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام (السودان)، ومحامون من أجل العدالة في ليبيا، منّا لحقوق الإنسان (الجزائر)، ومحامو زيمبابواي من أجل حقوق الإنسان، ومنظمة ريدرس (المملكة المتحدة) على توثيق حالات عديدة من الاختفاء القسري وأفعال التعذيب في المنطقة كان الهدف منها قمع المعارضة السلمية أو الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنّهم .يشكّلون تهديدأً
يشمل الاختفاء القسري حرمان الشخص من حريته رغم إرادته من قبل وكلاء الدولة، والعاملين معهم، أو الجهات الأخرى التي تتصرّف بقبولٍ من الدولة، من دون إقرار بمصير الضحية أو مكان وجودها. ويعتبر الأشخاص المختفون عرضةً للعديد من أشكال الإساءة الأخرى بما في ذلك التعذيب. تعتبر جريمة الاختفاء القسري جريمةً شنيعة تجعل الأشخاص المختفين وعائلاتهم ومجتمعاتهم المحلية يعيشون بالخوف مما سيحدث لهم وسط القلق والشكوك حيال مصير أحبائهم.
في أثناء الاحتجاجات على مستوى البلاد التي أدّت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير في السودان العام الماضي، يزعم أنّ القوى الأمنية والمجموعات شبه العسكرية المدعومة من الحكومة قد لجأت إلى ممارسات الاختفاء القسري بغية الحفاظ على الأمن القومي. وفي 3 يونيو 2019، فُقِد عشرات المحتجيّين حين اعتدت القوى الأمنية على المتظاهرين السلميين في اعتصامٍ في الخرطوم. وقيل أنّ أكثر من مئة مدني لقيوا حتفهم فيما أصيب المئات بجروح. كما تعرّض المحتجّون أيضاً للضرب والاحتجاز، وخضعوا للاغتصاب وغير ذلك من أشكال الترهيب والإهانة.
في ليبيا، ومنذ العام 2011، عمدت الدولة الليبية والميليشيات التابعة لها أو العاملة بموافقتها على إخفاء آلاف الأشخاص بسبب انتماءاتهم السياسية أو رأيهم السياسي الفعلي أو المتصوّر، وبسبب روابطهم القبلية، وعملهم الناشط في مجال حقوق الإنسان، أو هويتهم في بيئة تنتشر فيها ثقافة الإفلات من العقاب. وفي 17 يوليو 2020، صادفت ذكرى مرور عامٍ كامل على اختطاف المحامية والمدافعة البارزة عن حقوق المرأة سهام سرقيوة من منزلها في بنغازي على يد رجالٍ مسلّحين. وكانت سرقيوة قد طالبت في مقابلة تلفزيونية قبل ثلاثة أيام من اختفائها بوضع حدّ للهجوم العسكري على طرابلس. وما زال مصيرها مجهولاً ككثيرين غيرها.
وفي زيمبابواي، أوقفت ثلاث قائدات من المعارضة هنّ جوانا مامومب، وسيسيليا تشيمبيري، ونتساي ماروفا عند حاجز للشرطة حين كنّ في طريقهنّ للمشاركة في احتجاج سلمي في شهر مارس 2020، وقد اختطفن وتعرّضن للتعذيب والاعتداء الجنسي. وحتى اليوم لم يجر أي تحقيق لتحديد هويات المسؤولين عن تلك الأفعال.
ويبقى الإفلات من العقاب هو سيّد الموقف في مختلف أنحاء المنطقة، فبعد قرابة عقدين من الزمن على الحرب الأهلية في الجزائر، مازال الأقارب يبحثون عن أحبائهم، بعد اختفاء أكثر من 7000 شخص خلال الصراع. وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد أصدر عفواً كاملاً عن أفراد القوى الأمنيةالذين ارتكبوا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أكثر من 30 دعوى اختفاء قسري ضدّ الجزائر. وحتى اليوم، ما زالت الحكومة الجزائرية ترفض تطبيق التوصيات التي أصدرتها اللجنة، فتزيد من معاناة الضحاياوتحرمهم من أيّ إنصاف لحقوقهم.
اعتباراً من الثمانينات من القرن الماضي، تلقى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي، والذي يمثّل هيئة الخبراء الدولية التي تنظر في الدعاوى الفردية أكثر من 5000 شكوى من الدول الأفريقية. إلاّ أنّ هذا العدد لا يعكس نطاق هذه الممارسة نظراً لأنّ الإنكار الرسمي وغياب السجلات يجعل من شبه المستحيل معرفة الرقم الحقيقي.
في المقابل، لم يوقّع أويصادق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وهي المعاهدة الدولية الرئيسية التي تحظر هذه الممارسة، إلا17 من أصل 54 دولة أفريقية. ويجب على الجزائر، والسودان، وليبيا، وزيمبابواي وكافة الدول الأفريقية الأخرى أن تنضمّ للاتفاقية،وتعتمد الضمانات القانونية لمنع هذه الجريمة، وإخضاع مرتكبيها للمساءلة، والبحث عن المختفين وإنصاف الضحايا.
"منذ العام 2011والدولة الليبية والميليشيات التابعة لها تلجأ إلى الاختفاء القسري كوسيلة لإسكات الأصوات المعارضة، في نمط منتشر يمكن أن يرقى إلى جريمة ضدّ الإنسانية". هذا ما صرّح به محمد المسيري، رئيس برنامج البحث وبناءالقدرات في منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا. وأضاف: "يجب أن تتولى لجنة تقصي الحقائق حول ليبيا التي تمّ إنشاؤها مؤخراً والمحكمة الجنائية الدولية التحقيق في هذه الجريمة، وفي سائر الاعتداءات الأخرى على حقوق الإنسان ويجب إخضاع مرتكبي هذه الجرائم للمساءلة."
من جهتها، صرّحت إيناس عثمان، منّا لحقوق الإنسان: "ما زالت أسر المفقودين في الجزائر تواجه العديد من العقبات التي تعرقل عملية البحث عن الحقيقة. واليوم ، وبعد مضيّ ثمانية أشهر على انتخاب رئيس جديد كان قد تعهّد بأن يلتزم بحماية حقوق الإنسان الأساسية، لم يجد أهالي المختفين رداً على مطالبهم في ظلّ استمرار الأعمال الانتقامية بحق من يرفع الصوت."
وقالت إيفا نود، المستشارة القانونيةلمنظمة ريدرس: "لا تلقى قضايا الاختفاء القسري في أفريقيا الاهتمام اللازم منذ عقود طويلة، ويترك ضحاياها للنسيان. إلاّ أنّ الدول الأفريقية ملزمة بمعاقبة هذه الجريمة والتحقيق فيها ، وتقديم مرتكبيها للعدالة. كما ينبغي أيضاً البحث عن الضحايا الذين خضعوا لهذه الممارسة وتقديم الدعم والجبر لأحبائهم. لم يعد بإمكان الدول الأفريقية أن تختبئ خلف ستار الإنكار بعد اليوم."
لمزيد من المعلومات أو لإجراء مقابلة، يرجى الاتصال:
أمير سليمان، مدير البرنامجالقانوني في المركز الأفريقي لدراسات العدالةوالسلام، على العنوان: suleiman@acjps.org أو الرقم +256783661084.
تيم مولينو، مدير الاتصالات الاستراتيجيةفي محامون من أجل العدالة في ليبيا، على العنوان: tim@libyanjustice.orgأو الرقم +44 (0)7400 995648.
إيناس عثمان، مديرة منّا لحقوق الإنسان، على العنوان ines.osman@menarights.org.
إيفا سانشيز، رئيسة قسم الاتصالات في منظمةريدرس على العنوان eva@redress.org أو الرقم +44 (0)7857 110076
كومبراي مافوندا، مديرة الاتصالات في محامو زيمبابواي من أجلحقوق الإنسان، على العنوان info@zlhr.org.zw أو الرقم +263 773 855 611.