التحرّك العاجل مطلوب للتصدّي للمستويات الصادمة من العنف الإلكتروني ضدّ المرأة في ليبيا
في تقريرٍ جديدٍ أصدرته اليوم، تدعو منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا السلطات الليبية للعمل الفوري على وقف العنف الإلكتروني ضدّ المرأة المنتشر على نطاقٍ واسعٍ وخطير في البلاد.
يكشف التقرير عن النطاق الكامل للتحرّش الإلكتروني، والتهديدات، والكراهية الموجهة ضدّ النساء عبر الإنترنت، وما يتعرّضن له من عنف من خلال الرسائل النصية أو الإساءة الجنسية عبر التهديد بنشر الصور، واستخدام الموادّ الإباحية المزيفة، والمعلومات الشخصية من قبيل العناوين الخاصة، إضافة إلى حالات الملاحقة أو المضايقة الموجّهة ضدّ المرأة عبر الإنترنت في ليبيا. ويظهر التقرير كيف أنّ هذا العنف، الذي بدأ بعد الانتفاضة عام 2011 واستمرّ أثناء النزاعات المسلّحة التي تلتها، لا يخضع لأيّ ضوابط من قبل السلطات، ما يترك النساء الليبيات عرضةً للترهيب والإسكات فيُكرهْن مرغماتٍ على مغادرة المساحات والمنصّات العامة.
وكانت محامون من أجل العدالة في ليبيا قد أجرت مسحاً مفصّلاً شمل 163 مستجيباً لتوثيق تجربتهم الإلكترونية. وقد رأت نسبة ستّة وتسعون بالمئة من المستجيبين أنّ العنف الإلكتروني ضدّ المرأة يطرح مشكلةً خطيرة في ليبيا في حين وقع حوالي الثلثين من هؤلاء ضحيةً لاعتداءات من هذا النوع. أما الجهات التي تستهدفها هذه الاعتداءات فغالباً ما تكون من النساء اللواتي يعبّرن عن وجهات نظهرهنّ عبر الإنترنت، أو من الجهات الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان، أو من النساء اللواتي يتعاطيْن الشأن السياسي.
"قطعاً، تأثير العنف الإلكتروني كبير، حيث تفضّل الكثير من النساء الانسحاب من الفضاء العام والانزواء جانباً، لمحاولات النيل والتشويه والقذف الذي تتعرض له ناهيك عن التهديدات بالقتل." هذا ما صرّحت به الناشطة السياسية عبير امنينة.
ومن الجدير بالذكر أنّه بعد الانتفاضة عام 2011، أصبحت النساء في ليبيا يستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ متزايدٍ من أجل الانخراط في العمل الإلكتروني الناشط، إلاّ أنّ الردود العنيفة ضدّهن مع احتدام النزاع في ليبيا قد دفعت بالكثير منهنّ إلى فرض الرقابة الذاتية على أنفسهنّ أو وقف عملهنّ الناشط بشكلٍ مطلق، في محاولةٍ لحماية أنفسهنّ وعائلاتهنّ. وأكّدت العديد من الضحايا لمنظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا أنّ العنف الإلكتروني قد كان له تأثيرات نفسية سلبية عليهنّ من قبيل القلق، ونوبات الذعر، والإحساس بالعجز وقلّة النوم والتركيز، وللأسف فإنّ الأمر لا يتوقف دائماً عند هذا الحدّ.
فتقول الدكتورة أولغا جوراس، زميلة الأبحاث في منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا: "من المأساوي أنّ العنف الإلكتروني في ليبيا غالباً ما تتبعه الاعتداءات الجسدية بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، وأعمال القتل الوحشية التي ترتكب في وضح النهار." وأضافت: "أكّد ما يزيد على 80% من المستجيبين أنّ العنف الإلكتروني ضدّ المرأة خطير بقدر العنف الجسدي."
وإن كان صحيحاً أنّ تحديد هويات مرتكبي هذا العنف أمر صعب في مجمل الأحيان، إلاّ أنّ 60% من المستجيبين في ليبيا يعتقدون أن ّالعنف الإلكتروني ضدّ المرأة ترتكبه الجهات الفاعلة المنتمية للدولة والميليشيات التابعة لها، بالإضافة إلى الجهات الخاصة الأخرى، وذلك بغرض إسكات النساء ليس أكثر. وفي وقتٍ يمكن أن يتسبّب فيه العنف الإلكتروني بمعاناةٍ نفسيةٍ كبيرة لمن تقع ضحيّته، فهو يمكن أن يرقى أيضاً إلى التعذيب في بعض الحالات عندما ترتكبه أجهزة الدولة أو الجهات التابعة لها.
ورغم النطاق الواسع لهذه المشكلة، لا تعتمد ليبيا أيّ قوانين تجرّم تحديداً العنف ضدّ المرأة سواء كان إلكترونياً أو غير إلكتروني. وإن تمً اقتراح مشاريع قوانين عدة منذ العام 2011 من أجل معالجة قضية العنف ضدّ المرأة إلاّ أنّ جميع المشاريع التي اطلعت عليها محامون من أجل العدالة في ليبيا لم تكن متسقةً مع القانون الدولي والمعايير الدولية. فعلى سبيل المثال، لم تتناول هذه المسودّات المقترحة من القوانين مسألة العنف المرتكب عبر الإنترنت ولم تعالج حق المرأة في سلامتها الشخصية، كما وركّزت بشكلٍ أساسي على الألم الجسدي الذي تتعرّض له الضحية وأهملت المعاناة النفسية ولم تضمن إجراءات الوصول إلى السلامة أو كيفية إنصاف الضحايا.
كما ولم تنجح السلطات الليبية أيضاً في قيادة تحقيقات فعّالة وفقاً لموادّ قانون العقوبات التي تجرّم العنف بشكلٍ غير محدّد والتي كان يمكن أن تستخدم من أجل إخضاع مرتكبي العنف للمساءلة، وذلك رغم قيام النساء بالإبلاغ عن العنف الذي يتعرّضن له إلى الشرطة وأعضاء النيابة العامة. ويحمل هذا التقاعس رسالةً واضحةً إلى العامة وإلى الجناة مفادها أنّ العنف الإلكتروني ضدّ المرأة سيمرّ دون عقاب.
وفي هذا السياق، تقول مروة محمّد، رئيسة المناصرة والتوعية في منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا: "يشكّل العنف الإلكتروني سلاحاً يُستخدم لإسكات المرأة، ويقوّض احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. ويجب أن تولى هذه القضية الاهتمام الذي تستحقّه، وينبغي لليبيا أن تقرّ قانوناً خاصاً بالعنف المبني على النوع الاجتماعي، يشمل العنف الإلكتروني ضدّ المرأة وينصّ على ملاحقة الجناة بما يتسق مع الالتزامات الدولية بموجب الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان."
وفيما أجاب 76% من المشاركين في الاستطلاع أنّه يجدر بمواقع التواصل الاجتماعي أيضاً أن تتولّى المسؤولية عن هذه القضية، إلا أن الأكثرية من الضحايا لم تبلّغ عن هذه الحوادث أو بسبب عدم العلم بوجود آلية خاصة للشكاوى. وفي الحالات التي قام فيها المستجيبون فعلياً بالإبلاغ عن هذه الحوادث، كان عليهم أن يحثّوا مجموعات من المستخدمين الآخرين للإبلاغ أيضاً قبل أن تقوم المنصّات بإجراء التحقيقات اللازمة وحذف الحسابات المسيئة. وقد أطلع العديد من المستجيبين منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا أنّه عندما يقوم شخص واحد أو اثنان فقط بالإبلاغ عن الحساب المسيء، فإنّ ذلك نادراً ما يكون كافياً للدفع بمنصّات مواقع التواصل إلى إجراء تحقيق بالحادثة.
وتتابع مروة محمّد: "يجب أن تتخذ مواقع الإعلام الاجتماعي المزيد من الإجراءات لمعالجة العنف الذي يُرتكب عبر منصّاتها. وكخطوةٍ أولى، يجب أن تلتزم مواقع التواصل الاجتماعي باستئصال العنف الإلكتروني ضدّ المرأة من خلال تبنّي نهجٍ يقوم على حقوق الإنسان يضمن إتاحة البيانات التي تثبت وقوع العنف الإلكتروني ضدّ المرأة بحيث يمكن استخدامها في الإجراءات القانونية والتحقيقات الهادفة إلى إخضاع مرتكبي هذه الأفعال للمساءلة."
للاطلاع على ملخّص التقرير، يرجى الضغط على هذا الرابط.
للمزيد من المعلومات أو للتكلّم مع المتحدّثين الرسميين، يرجى الاتصال تيم مولينو، مدير الاتصالات الاستراتيجية في منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا على العنوان: tim@libyanjustice.org، +44 (0)7501 395067
لإجراء مقابلات، يمكن التحدّث رسمياً مع:
للانضمام إلى قائمتنا البريدية والحصول على نسخ عن أحدث التقارير، والبيانات الصحفية، والنشرات الإخبارية، املأ استمارة المعلومات على هذا الرابط.