يشكّل الاعتداء الانتحاري على مجمع المحاكم في مصراته محاولةً خطيرةً ومباشرة لعرقلة سيادة القانون في ليبيا، ومحامون من أجل العدالة في ليبيا تحثّ السلطات الليبية على القيام بالتحقيقات اللازمة ومحاسبة المعتدين ووضع حدّ للحصانة المستمرّة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
تدين محامون من أجل العدالة في ليبيا وبشدّة الهجوم العنيف على مبنى المحكمة في مصراته في 4 أكتوبر 2017. وكان هذا الاعتداء الذي تبنّاه تنظيم داعش قد استهدف رئيس المحكمة بغرض تعطيل جلسة المحاكمة حسبما أفادت التقارير، وأسفر عن إصابة ما لا يقلّ عن 18 شخصاً بين قتيلٍ وجريح، في عدادهم أشخاص مدنيّون. وقد نُفّذ الاعتداء على المحكمة بعد أن كان المحامي العام قد أصدر بياناتٍ عمومية كشف فيها عن الخطوات التي يعتزم القيام بها لإخضاع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان للمساءلة، والعديد منهم منتمون لداعش، ووضع حدّ للإفلات من العقاب في البلاد.
يمثّل هذا الاستهداف الذي طال جزء من البنية الأساسية للقضاء اعتداءً خطيرا حيث ذهب ضحيته عدد من المدنيين بمن فيهم موظفو المحكمة، كما أنه يشكّل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وقد يرتقي إلى جرائم حرب، على الدولة الليبية مسؤولية حماية المدنيين وأصحاب المهن القانونية ومنفذي القانون من أفعال الأذى التي تتسبّب بها الجهات التابعة لها وتلك غير المنتمية لها أيضاً. من هنا، يتعيّن على أجهزة الدولة أن تبادر بالردّ الملائم منعاً لارتكاب المزيد من العنف والعمل على إخضاع المعتدين للمحاسبة.
يتعرّض نظام العدالة في ليبيا للتعطيل على نحوٍ منهجيّ ومتكرّر نتيجة الاعتداءات التي طالت المحامين والقضاة مما عرقل سير العمل بدوائر قضائية عدة وأدّت إلى حرمان ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من الحصول على العدالة والإنصاف على المستوى المحلي. قد يكون الهدف من الهجوم على المحكمة هو إضعاف البيانات التي أطلقها المحامي العام، كما أنه يدلّ حتماً على الصعوبات التي يواجهها نظام القضاء الوطني في تحقيق المساءلة وتطبيق سيادة القانون. وعليه، تناشد محامون من أجل العدالة في ليبيا أجهزة الدولة الليبية قيادة التحقيقات اللازمة وملاحقة مرتكبي الجرائم التي وقعت في مصراته وفي أنحاء أخرى من البلاد، كما أنها تحثّ المجتمع الدولي على تقديم الدعم للدولة الليبية من أجل تحقيق ذلك.
وفي هذا السياق، علّقت مديرة محامون من أجل العدالة في ليبيا بقولها:" لقد أُفسد حكم القانون في ليبيا في السنوات الأخيرة بعد أن أقدم العديد من الأفراد والمجموعات من مختلف الانتماءات السياسية ومن حول البلاد على ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ظلّ إفلاتٍ كامل من العقاب. أما الهجوم الأخير والذي يشكّل اعتداءً مباشراً على نظام العدالة فقد وقع عقب تصريحاتٍ قوية للمحامي العام التي أعلن فيها عن نيته لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب في ليبيا. إنّ هذه المحاولة لمنع التقدّم نحو تحقيق المساءلة لا بد من أن تجابه بردّ فعلٍ حازم من جانب السلطات الليبية عن طريق إجراء التحقيقات اللازمة ومحاسبة المعتدين. إذ لا يمكن لليبيا أن تباشر عملية بسط سيادة حكم القانون ما لم يقدم مرتكبي هذه الجريمة وغيرها من الجرائم إلى العدالة".