تدين منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا المحاولات الساعية لمنع أهالي تاورغاء من العودة إلى مدينتهم، والتي عقبت الزيارة الرسمية التي قامت بها المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الأشخاص المشرّدين داخلياً إلى ليبيا في الفترة ما بين 25 و31 يناير. وتضمّ محامون من أجل العدالة في ليبيا صوتها إلى صوت المقرّر الخاص في تذكير الدولة الليبية بمسؤوليتها الرئيسية المتمثلة في حماية الأشخاص المشرّدين داخلياً ومساعدتهم، والحاجة إلى إيجاد حلول مستدامة للمشردين بما يتسق مع مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن التشرّد الداخلي.
وكانت حكومة الوفاق الوطني قد سبق أن أعلنت في 26 ديسمبر 2017 تاريخ الأول من فبراير 2018 اليوم المنشود لعودة أهالي تاورغاء المنتظرة إلى مدينتهم من بعد أن أجبروا على مغادرتها بالعنف سنة 2011. وبالرغم من هذه الخطوة الإيجابية، إلاّ أنّ العائلات العائدة قد مُنعت من الوصول إلى المدينة بعد أن تصدّت لها المجموعات المسلّحة، فوجدت نفسها تنتظر في المدن المجاورة. وقد أفادت التقارير أنّ المسلّحين عمدوا في 1 فبراير إلى حرق الدواليب خارج تاورغاء لقطع الطريق المؤدية إليها.
تدين منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا وبشدّة هذه الأعمال التي تنتهك الحق في حرية التنقل، وتقرير المصير والحماية من التدخّل غير المشروع في خصوصية الفرد وحياة أسرته أو منزله، كما هو مكرّس في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمّت إليه ليبيا كدولةٍ طرف. فالمسؤولية الأولى في حماية الأشخاص المشرّدين داخلياً ومساعدتهم تقع على عاتق الدولة. وتعرب محامون من أجل العدالة في ليبيا في هذا السياق عن أسفها إزاء فشل حكومة الوفاق الوطني في وضع خطة منسّقة تضمن سير إجراءات العودة بأمانٍ وكرامة. كما تتخوّف المنظمة أيضاً من غياب الاستجابة الفعلية من جانب الدولة إزاء ما جرى، بما في ذلك تقديم المعلومات والدعم لعائلات المشرّدين.
وقد تلت إجراءات العودة الغير ناجحة زيارة المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص المشرّدين داخلياً، سيسيليا خيمينيز -داماري إلى ليبيا لتقييم أوضاع حقوق الإنسان للأشخاص المشرّدين داخلياً. وكانت السيّدة خيمينيز-داماري قد عقدت اجتماعاتٍ مع وزارات مختلفة وجالت على مخيّمات أهالي تاورغاء في طرابلس. وفي ملاحظاتها الأولية، أعربت المقرّر الخاص عن قلقها الشديد حيال الوضع الرديء للمشردين في ليبيا، وأوصت الدولة لوضع خارطة طريق تتسق مع المبادئ التوجيهية بشأن التشرّد الداخلي يمكن فيها تحديد الأدوار والمسؤوليات بين مختلف الوزارات. كما سلّطت الضوء على غياب إطار قانوني أو خاص بالسياسات من أجل توفير الحماية للأشخاص المشرّدين داخلياً في ليبيا، الأمر الذي يعرقل القدرة على الاستجابة للمشكلة على نحوٍ منسّق. ومن المقرّر أن تقدّم السيّدة خيمينيز –داماري تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شهر يونيو من العام 2018.
في هذا السياق، أكّدت منسّق برنامج العدالة الانتقالية في محامون من أجل العدالة في ليبيا، لورا ماكدونيل بقولها: "ليس بإمكان ليبيا التقدّم على درب المصالحة إذا ما استمرّت المجموعات المسلّحة في تقويض حقوق الآخرين. إذ يجب تمكين أهالي تاورغاء من ممارسة حقهم في التنقل الحرّ في البلاد والعودة الآمنة إلى بلدتهم متى يشاؤون. ومن الضروري للوصول إلى المصالحة الوطنية أن تُمنح الأولوية لتحقيق المساواة وإعمال حقوق الإنسان وضمان عودة أهالي تاورغاء سالمين وحمايتهم ومساندتهم."
تذكّر محامون من أجل العدالة في ليبيا الدولة بأنّ الحلول لأزمة التشرّد الداخلي يجب أن تكون مستدامةً وتتضمّن خططاً يشارك المشردين أنفسهم في إعدادها حرصاً على إعادة الإدماج الكاملة. وكانت السيّدة خيمينيز-داماري قد أدلت ضمن ملاحظاتها بما يلي: "لا يمكنني إلاّ أن أشدّد مراراً وتكراراً على أنّ عودة الأشخاص المشردين داخلياً ليست الحلّ لأزمة التشريد، ومن الضروري أن تضمن الحكومة سلامة الأشخاص المشرّدين داخلياً ومساعدتهم أثناء العودة، وأيضاً أثناء إعادة إعمار منازلهم ومستوى معيشتهم."
وممّا لا شكّ فيه أنّ الزيارة التي قامت بها المقرّر الخاص تعدّ خطوةً هامةً من جانب الإجراءات الخاصة في مجال تنفيذ التفويض الموكل إليها. تحثّ محامون من أجل العدالة في ليبيا أصحاب الولايات الأخرى ضمن الإجراءات الخاصة بدورهم على القيام بزيارات إلى ليبيا، تلبيةً للدعوة القائمة التي وجّهت إليهم، كما وتشجّع السلطات الليبية أيضاً على تيسير هذه الزيارات وتسهيلها، واتخاذ الإجراءات الجدية لتطبيق التوصيات الصادرة عنها.