"محامون من أجل العدالة في ليبيا" تنشر الجزء الأول من سلسلة تعليقاتها على التوصيات الدستورية المقترحة وتقدّمه للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور

2/4/2015

بتاريخ 24 ديسمبر 2014، نشرت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور على موقعها الإلكتروني المجموعة الأولى من المقترحات والتصوّرات المبدئية الصادرة عن اللجان النوعية الفردية. وكانت "محامون من أجل العدالة في ليبيا" قد طالبت مراراً بإجراء عملية شاملة وشفافة لصياغة الدستور، مشدّدةً على الحاجة إلى الحوار وإشراك العامة، وهو أمر ضروري من أجل التوصل إلى وثيقة دائمة تصاغ بالتوافق وتوفّر الحماية لجميع المواطنين الليبيين، وتكون قادرةً على التوحيد بينهم. 

وكانت عملية إعداد الدستور قد انطلقت في شهر أبريل من العام 2014، وبقيت إلى حين إصدار التوصيات في ديسمبر، مغلقةً إجمالاً ولم تشهد مشاركة واسعة من قبل المواطنين. ومع نشر التوصيات المقترحة، تتاح اليوم لمختلف الجماعات وأصحاب الشأن المعنيين، بمن فيهم أفراد المجتمع المدني، فرصة المشاركة في عملية الصياغة وفي الحوار بغية تخطي القيود التي تفرضها العملية.وتعدّ هذه المرحلة من عملية إعداد الدستور تحديداً مهمةً جداً من أجل تجاوز مسألة شرعية  الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، نتيجة انعقاد اجتماعاتها قبل اكتمال عدد أعضائها، وبالتالي فقد استبعدت شرائح هامة من المجتمع الليبي عن المرحلة الأولى من عملية الصياغة. كما يعدّ الحوار والمشاركة خطوتين ضروريتين لمعالجة مسألة تركيبة الهيئة التأسيسية التي لا تعكس على نحوٍ ملائم التنوّع في ليبيا: فلم تحظ النساء سوى بستة مقاعد فيها، ولم يخصّص سوى مقعدين فقط لكل من الأقليات الثلاث الرئيسية. من هنا، إن لم تقم الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور بقيادة برنامج تواصل واتصال منسّق وعلى نطاق واسع، لن تكون مهمتها في تصحيح هذه النواقص وصياغة دستور يمثّل شؤون مواطنين البلاد ككلّ بالمهمة السهلة. 

تحقيقاً لهذه الغاية، تعمل منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" على سلسلةٍ من التعليقات تقيّم من خلالها مقترحات اللجان، كلّ على حدة بالعودة إلى أبرز المواد الواردة فيها.

وتظهر هذه الطريقة أنّ مقترحات اللجان لم تخضع لمراجعة شاملة تضمن التنسيق والتماسك بين مختلف التوصيات بعد، كما يتبيّن أيضاً أنّ بعض المواد والأحكام تتداخل في ما بينها. وقد نظرت "محامون من أجل العدالة في ليبيا" في المقترحات من منظورٍ ثلاثي:

  • آراء المواطنين: سبق لمنظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن قامت بجهود للاتصال بالمواطنين خلال جولة رحلة وطن الدستورية، التي جال خلالها فريق دستوري على مختلف المناطق الليبية، وشارك فيها أكثر من 3000 شخص من 37 منطقة مختلفة. أجرى الفريق ما يزيد عن 200 مسح متعمّق، وقاد 500 مقابلة، ونفذ نشاطات تفاعلية مع مئات الليبيين. وانطلاقاً من النتائج التي توصّلت إليها "محامون من أجل العدالة في ليبيا" من خلال جولة رحلة وطن، صاغت كتيّباً بعنوان دستوري التقرير والتوصيات، نشرته في شهر يونيو من العام 2014، وقدّمته إلى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور. وبالتالي، تولت "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تقييم التوصيات الحالية للهيئة من منظور النتائج التي توصّلت إليها من خلال جولة رحلة وطن الدستورية، ودرست توافق المقترحات المطروحة مع آراء المواطنين وتطلّعاتهم.
  • الالتزامات الدولية: ليبيا دولة طرف في عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وهي بالتالي ملزمة بأن تكفل أن ينصّ قانونها المحلّي على تطبيق أحكام تلك المعاهدات والاتفاقيات. ومعنى ذلك أنّ على ليبيا، بالإضافة إلى توفير الإجراءات اللازمة لتفعيل هذه الأحكام وتطبيقها  ، أن توفّر إطار عمل يدعم هذه الإجراءات، عن طريق ترسيخ مبدأ المساءلة والشفافية لمؤسسات الحكم واستقلالية الهيئة القضائية وحيادها. قيّمت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" التوصيات المقترحة لضمان التزامها بالاتفاقيات الدولية لليبيا وتقديمها إطار عمل داعم لتنفيذ التزامات ليبيا بموجب تلك الاتفاقيات.
  • المعايير الدستورية: أخيراً، يبحث التعليق في القواعد الدستورية وأفضل الممارسات في هذا المجال ويجري تقييماً للمقترحات على هذا الأساس، مع توجيه اهتمام خاص إلى النماذج الإقليمية.

سوف تعمل "محامون من أجل العدالة في ليبيا" على نشر التعليق على مراحل، بدءاً بتحليل عمل اللجنة النوعية الأولى لباب شكل الدولة والمقومات الأساسية، على أن تليه التحاليل المتعلقة بجهود اللجنتين الثانية والسادسة في الأسابيع المقبلة. كما تعمل المنظمة أيضاً بالتنسيق مع المنظمات الشريكة لها في المشروع على إعداد دراسات تحليلية متعمّقة للتوصيات المقترحة تتناول تعليقاً حول كيف يمكن أن تشكّل هذه التوصيات ضمانة للحق في حرية التعبير والحق في الحرية من التعذيب ومن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

لمحة عامة

بعد الاطلاع على التوصيات المقترحة بكاملها، تدرج "محامون من أجل العدالة في ليبيا" في ما يلي مخاوفها الأكثر إلحاحاً:

  • أحكام متناقضة: تبدو التوصيات المقترحة غير مترابطة في بعض الأحيان، وفي حالاتٍ أخرى تتنافر فيها المواد في الباب نفسه. على سبيل المثال، تنصّ اللجنة الأولى في مقترحاتها على المساواة بين المواطنين والمواطنات، ولكنها تنص أيضاً على أنّ الجنسية الليبية تمنح لمن يولد من أب ليبي، ولكن ليس من أم ليبية.
  • معايير مبهمة: تمت تغطية العديد من المفاهيم مرات عدة وفي مستويات متفاوتة من العمق. على سبيل المثال، قدّمت اللجنة النوعية الأولى مقترحات حول الأحكام الخاصة بالبيئة، والثروات الطبيعية والصحة، كما تم التطرّق إلى الأحكام نفسها في أقسام أخرى. يتعيّن على الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور إما أن تدمج هذه الأحكام معاً أو أن تضمن التعامل معها بحيث تكون مكمّلةً لبعضها البعض.
  • أسلوب الصياغة: لم تتم صياغة كثير من الأحكام من منظورٍ يسمح للعامة الاستناد بها. عوضاً عن ذلك، تقرأ التوصيات في بعض الأحيان "كتوجيهات لاعتماد سياسات معينة" بمعنى أنها عوضاً عن توفير واجب إلزامي على الدولة، من الممكن تفسيرها كمبادئ توجيهية أو مقترحات. وهو أمر بارز ويطرح إشكالية واضحة في باب الحقوق والحريات، حيث من الضروري أن تقدم الأحكام كحقوق من الواجب تنفيذها.
  • العلاقة بين الدين والدولة: تمثّل التوصيات الحالية المقترحة ابتعاداً عن تاريخ ليبيا الدستوري في ما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة. فمن المحتمل أن يؤدي الدين دوراً أكبر من أي وقتٍ مضى في الدولة الليبية اليوم، وذلك من دون توفير أي حماية لحقوق الأقليات الدينية ومن دون ضمان عدم تدخل الهيئات الدينية في سلطات الحكم الثلاث.
  • القيود التفصيلية المفروضة على حقوق الإنسان الأساسية: يجب أن ينص الدستور على إطار عمل الحقوق بالشروط الأقل تقييداً. تحد التوصيات الحالية من نطاق تنفيذ بعض الحقوق الأساسية، في أحيان كثيرة، كالحق في حرية التعبير. فمن القيود المفروضة على هذا الحق حظر القذف والتشهير و"تزييف الحقائق عمداً" التي لا يفترض البت فيها على المستوى الدستوري. كما تتضمن التوصيات أيضاً قيوداً على منظمات المجتمع المدني، كاشتراط تسجيلها وحظر تلقيها التمويل الأجنبي.
  • عدم التوافق على بعض القضايا التي قد تتسبب بالخلاف والشقاق: لا تعكس التوصيات المقترحة وجهة نظر توافقية على بعض القضايا المتنازع فيها. فمثلاً، في ما يتعلق باللغات الوطنية والرسمية، لم تتفق اللجنة النوعية الأولى على مادة تعكس تطلّعات الأقليات الناطقة باللغتين التباوية والأمازيغية. في ما يتعلق بالجنسية، ترسّخ التوصيات المقترحة بعض الأنظمة التي تقيم التمييز ضد النساء والأقليات.
  • عدم تطبيق المساواة: رغم الالتزامات بمزيد من المساواة، لم تقدم التوصيات أي أحكام بشأن تطبيق هذه المساواة، فلم تقترح أي آلية لضمان مقاعد للنساء والأقليات ولم تقترح لجنة تعنى بالنوع الاجتماعي والمساواة في المؤسسات المستقلة. 

اضغط هنا لقراءة تعليق منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" على مقترحات اللجنة النوعية الأولى لباب شكل الدولة والمقومات الأساسية.

Thank you! You have been subscribed.
Oops! Something went wrong while submitting the form.

سجل للحصول على المستجدات

تحديث منتظم من محامون من أجل العدالة الى بريدك