قدّمت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا تقريرها الدوري الرابع عشر بشأن الوضع في ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي في وقتٍ سابق من الأسبوع الجاري. وبعد أن كانت منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا قد سلّطت الضوء مراراً على الدور الذي يمكن أن تؤديه المحكمة الجنائية الدولية في المساهمة بوضع حدّ للإفلات من العقاب في ليبيا، فهي تهنّى المدعية العامة على إصدارها أمر القبض الأول بشأن الجرائم المرتكبة في ليبيا ما بعد العام 2011، بعد تقديم إفادتها الثالثة عشر إلى مجلس الأمن في وقتٍ فائتٍ من هذا العام. وتعليقاً على ما أدلت به المدعية العامة هذا الأسبوع، تشيد محامون من أجل العدالة في ليبيا بالتزام المحكمة المستمرّ باستكمال التحقيقات في ادعاءات الجرائم المرتكبة في ليبيا خلال العام المقبل، وتعبّر عن اطمئنانها حيال ما أكّدته المدعية العامة من أنّ مكتبها قد أخذ العلم بالجرائم التي ارتكبت ولا تزال مستمرّةً في ليبيا. وعليه، تدعو محامون من أجل العدالة في ليبيا الدولة الليبية اليوم لعدم التأخّر في تسليم الورفلي والمطلوبين الآخرين، في وقتٍ تطالب فيه المجتمع الدولي بتعزيز دعمه للمحكمة الجنائية الدولية، وتناشد المحكمة لكي تتابع من جهتها جهودها المبذولة في هذا الصدد، عبر إصدار أوامر جديدة بالقبض على المجرمين ورفع السرية عن مذكرات التوقيف الصادرة.
وكانت المدعية العامة قد ذكّرت في إفادتها بالالتزام القانوني لليبيا ولقائد الجيش الوطني اللواء خليفة حفتر بتسليم الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية، بغضّ النظر عمّا أفيد عن إجراء تحقيق داخلي محتمل في الوقت الراهن. كما لفتت إلى مسؤولية القادة والرؤساء، وهو المبدأ المنصوص عليه في نظام روما الأساسي، وبموجبه يتحمّل القادة المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم أو قواتهم. ويلتزم القادة بموجب هذا المبدأ أيضاً بمنع ارتكاب الجرائم على يد قواتهم. وترحّب محامون من أجل العدالة في ليبيا بالدعوة التي وجهتها المدعية العام إلى الدولة الليبية لإبداء مزيد من التعاون في قضية تسليم الورفلي وتأكيدها على أهمية العدالة لتحقيق السلام الدائم في ليبيا. فالمساءلة على الجرائم الخطيرة، والاحترام التام لسيادة القانون عنصران رئيسيان يتعين تعزيزهما ودعمهما إذا كان لليبيا أن تحقق السلام والأمن والاستقرار.
كما تنوّه محامون من أجل العدالة في ليبيا أيضاً بموقف المدعية العامة المدين للجرائم التي ارتكبت مؤخراً والمستمرّة في البلاد وبتعهّد مكتبها بمراقبة الأوضاع باستمرار، واستعداده لإصدار مذكرات توقيف جديدة. فإجراءات المساءلة الضعيفة التي تتخذها الدولة الليبية إن وجدت قد أثبتت أنها غير قادرة على القيام بتحقيقاتٍ فعلية في الجرائم الخطيرة أو ملاحقتها قضائياً. وعليه، تحثّ منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا المحكمة الجنائية الدولية على البقاء على اطلاع بالجرائم المرتكبة في ليبيا والعمل على الحدّ من الحصانة المستمرّة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من خلال تطبيق المساءلة عن طريق إصدار مذكرات اعتقال إضافية.
جدير بالذكر أنّ المحكمة الجنائية الدولية لم تنجح حتى الآن في إلقاء القبض على الورفلي والتهامي أو إحالة سيف الإسلام القذافي. وفيما تشيد منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا بما صرّحت به المدعية العامة بشأن مسؤولية الدول الأطراف وغير الأطراف في نظام روما الأساسي للمساعدة في تنفيذ مذكرات الاعتقال العالقة، فهي تحثّها أيضاً على دعم وحشد الجهات الوسيطة التي ما زال بوسعها أن تؤدي دوراً فاعلاً يدعم عمل المحكمة على الأرض، لتضمن تحقيق المساءلة الأمر الذي من شأنه أن يكسر الحلقة المفرغة للإفلات من العقاب المستشري حالياً ويمنع ارتكاب المزيد من الجرائم. في سياق متصل، يمكن للمجتمع الدولي أيضاً لعب دور فاعل في دعم مهمة المحكمة الجنائية الدولية في ليبيا، وفي أماكن أخرى من حول العالم، من خلال تنفيذ مذكرات الاعتقال وتلبية مطالب المدعية العامة في تقديم الدعم والموارد المالية.
من جهةٍ أخرى، أشارت المدعية العامة أنّ مكتبها يعمل على مراقبة ما يتعرّض له المهاجرون العابرون لليبيا من معاملة سيئة، وأضاءت على الموضوع كمصدر للقلق، معلنةً أنّ مسألة ما إذا كانت الجرائم الفردية تندرج ضمن نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية سيبتّ فيها على أساس كلّ حالة على حدة. وتنوّه محامون من أجل العدالة في ليبيا هنا أيضاً بالتزام المدعية العامة مراقبة الأوضاع، لافتةً إلى انتشار الجرائم المرتكبة في سياق أزمة الهجرة، والتي تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك الرق الحديث والتعذيب المنهجي والمعاملة السيئة للمهاجرين في مراكز الاحتجاز. وتدعو محامون من أجل العدالة في ليبيا المحكمة الجنائية الدولية للتعجيل في تحقيقاتها في هذا المجال بما أنّ السلطات الليبية لا تبدي قدرةً أو استعداداً لمعالجة الانتهاكات المرتكبة باستمرار.
وعلّقت مديرة محامون من أجل العدالة في ليبيا على إفادة المدعية العامة بقولها: "نأمل أن تصل تعليقات المدعية العامة لمرتكبي الجرائم المستمرة في ليبيا فتذكّرهم بأنّ المجتمع الدولي شاهد على ما يجري ومستعدّ للتحرّك. ما نحتاجه اليوم هو تضافر الجهود ما بين المحكمة الجنائية الدولية، والدول والمجتمع المدني لضمان حصول المحكمة على الموارد والانتشار اللازم لتحقيق مهامها."
ستعقد محامون من أجل العدالة في ليبيا حدثاً جانبياً على هامش الجمعية العمومية للدول الأطراف في شهر ديسمبر من أجل مناقشة هذه القضايا بمزيد من التفاصيل بالإشارة إلى سياقات دول أخرى. زوروا موقعنا الإلكتروني وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي لمزيد من المعلومات في الأسابيع القادمة.