تدين منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بشدّة أعمال العنف التي شهدتها مدينة سرت في الفترة الأخيرة بين 12 و15 أغسطس الجاري. فقد أفادت التقارير عن مقتل 57 شخصاً نتيجة المعارك الدائرة في المدينة، منهم، بحسب المزاعم، إثنا عشر صُلبوا وقُطعت رؤوسهم على يد عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية. وعليه، تطالب "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الدولة الليبية والمجتمع الدولي باتخاذ الخطوات اللازمة لضمان المساءلة عن هذه الجرائم المشينة، وتجنّب المزيد من زهق الأرواح.
وقد أدّى الصراع المستمرّ بين الجهات المسلّحة غير المنتمية للدولة في سرت إلى عمليات قصفٍ عشوائية على مدى الأشهر الأخيرة، استهدفت المجمّعات السكنية والمستشفيات، في ما يمثّل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي. هذا وقد سبق ونُسبت إلى قوات تنظيم الدولة الإسلامية منذ العام 2014 عمليات قتلٍ أخرى خارج نطاق القانون في أرجاء مختلفة من ليبيا. وتشكّل هذه الأفعال المروّعة انتهاكاتٍ جسيمةً لحقوق الإنسان، قد تبلغ حدّ الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب بموجب القانون الدولي.
تقع على عاتق الدولة الليبية مسؤولية واضحة في حماية السكّان المدنيين من أيّ أذى تلحقه بهم الجهات الفاعلة الحكومية وغير المنتمية للدولة أيضاً، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية. وإن لم تستجب الدولة كما ينبغي لتجنّب المزيد من العنف، فقد يؤدّي بها الأمر لأن تصبح شريكةً في هذه الجرائم الدولية. من هنا، ترحّب منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بإقرار الجهات الحكومية بهذه المسؤولية وبذل الجهود المدروسة لتجنّب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وكانت الجامعة العربية قد عقدت نقاشاتٍ طارئة ردّاً على الأوضاع في سرت في 18 يوليو الماضي، وبحثت في احتمال تشكيل ائتلاف مسلّح للتدخل في ليبيا. وبالتالي، تذكّر منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الدولة الليبية والمجتمع الدولي بأنّ أيّ ردّ متفق عليه يجب أن يكون متناسباً وضرورياً. فإذا تمّ تأييد القيام بردّ دولي مسلّح، لا بد من أن يأتي التدخّل محدوداً وأن يحترم مبادئ حقوق الإنسان والقانون الإنساني. فهذا الأمر غاية في الأهمية لتجنّب خسارة أرواح المزيد من المدنيين من خلال الاعتداءات العشوائية. بالإضافة إلى ذلك، من شأن الاستعانة بالقوات الدولية على نحوٍ غير مسؤول أن تسهم في تأزّم الوضع السياسي غير المستقرّ أصلاً في ليبيا، ما قد يؤدي إلى استمرار النزاع الداخلي وينتج في مزيد من الخسائر بين المدنيين.
كما تذكّر "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أيضاً المجتمع الدولي بالردود غير المسلّحة التي تعتبر ملائمةً لمعالجة الوضع في سرت والتي لم يتم استنفادها جميعها بعد. فالقرار رقم 2174 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (عام 2014) يسمح لمجلس الأمن بفرض حظر السفر وتجميد أصول الأفراد المشتبه بضلوعهم بانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا. كما تشجّع منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" على تنفيذ هذه العقوبات بما أنّه يزعم أنّ العديد من المشاركين في القتال في سرت هم في الواقع إما مواطنون أجانب أو لديهم موجودات وعلاقات خارج الأراضي الليبية.
وتعيد منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" التأكيد على أنّ على عاتق الدولة الليبية والمجتمع الدولي مسؤولية محاسبة مرتكبي انتهاكات القانون الدولي، وبالتالي فهي تحثّ الجهات الليبية التابعة للدولة على قيادة التحقيقات وملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سرت وفي أرجاء ليبيا أيضاً. وإذا تبيّن أنّ الدولة الليبية غير راغبة أو غير قادرة على قيادة تلك التحقيقات، فإنّ المنظمة تحضّ المحكمة الجنائية الدولية في هذه الحالة على تطبيق ولايتها للتحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة في ليبيا وإصدار مذكرات توقيف بحق الجناة.
وفي هذا السياق، أشارت أمل الحضيري، منسّقة برنامج المناصرة الدولية في منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بقولها: "الوضع في سرت وفي سائر أرجاء ليبيا خطير جداً وحساس جداً. ولا بد على الدولة الليبية والمجتمع الدولي من اتخاذ الإجراءات الطارئة والحذرة لتجنّب خسارة المزيد من الأرواح في صفوف المدنيين. فالحاجة ملحّة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب النشاطات الإجرمية وإنّ أيّ تقاعس عن ذلك من شأنه أن يقوّض سيادة القانون وأن يرسّخ الانطباع بأنّ انتهاكات حقوق الإنسان تُقابل بالحصانة القانونية".