يصادف في 17 يوليو 2021 مرور الذكرى الثانية على الاختفاء القسري للنائبة في البرلمان الليبي والمدافعة عن حقوق المرأة سهام سرقيوة بعد أن قام مسلّحون باقتحام منزلها في بنغازي واختطافها. ومن بعد مرور سنتين اليوم، ما زال مكان وجودها مجهولاً. لذلك، فإنّ على السلطات الليبية أن تفتح تحقيقاً مستقلاً وتقود الجناة إلى العدالة.
وكانت سرقيوة، في الأيام السابقة لاختطافها، قد عبرّت عن وجهات نظر تنتقد العملية العسكرية للقوات المسلحة العربية الليبية (المعروفة بالجيش الوطني الليبي) بقيادة اللواء خليفة حفتر على طرابلس. ووفقاً للإعلام المحلي، فقد اقتحمت جماعة مسلّحة تُدعى "أولياء الدم" منزل سيرقيوة في بنغازي، وأطلقت النار على زوجها مرتين في ساقه، قبل أن تأخذ النائبة إلى مكان غير معلوم. وأظهرت الصور التي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي منزل سرقيوة بعد الهجوم وقد كُتب عليه "الجيش خط أحمر".
إن الناشطين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان يواجهون قيوداً متزايدة في ظلّ ما يتعرّضون له من تهديدات ومن أفعال اختفاء قسري وقتل غير مشروع كوسيلةٍ لإسكات الأصوات المعارضة، فمنذ عام 2014، والاعتداءات تتكرّر على الأشخاص بسبب انتماءاتهم السياسية الفعلية أو المتصوّرة أو عملهم الناشط ممّا أدّى إلى تضييق المساحة المدنية.
كما تتعرّض النساء تحديداً للعنف الجسدي والعنف الإلكتروني. ففي 25 يونيو 2014، اغتيلت المحامية والناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص داخل منزلها بعد ساعاتٍ فقط على إدلائها بصوتها في الانتخابات البرلمانية. وعقبت حادثة الاغتيال مقتل عضو المؤتمر الوطني عن مدينة درنة فريحة البرقاوي في 17 يوليو 2014، والناشطة الحقوقية انتصار الحصري في 24 فبراير 2015. وفي 11 نوفمبر 2020، قُتلت المحامية والناشطة السياسية حنان البرعصي رمياً بالرصاص في وضح النهار في بنغازي.
وفي مسحٍ أجرته منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا وشمل 163 مستجيباً، أكّد 96% أنّ العنف الإلكتروني ضدّ المرأة، والذي غالباً ما تتبعه اعتداءات جسدية، يمثّل مشكلةً خطيرةً في ليبيا، وقد قال أكثر من نسبة الثلثين منهم أنهم وقعوا ضحايا هذه الاعتداءات. يعكس ذلك حقيقة استهداف النساء بشكلٍ أساسي اللواتي يعبّرن عن آرائهنّ عبر الإنترنت، والناشطات، والمدافعات عن حقوق الإنسان، والنساء العاملات في السياسية. كتعرّض وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش لاعتداء شخصي بعد أن دعت المرتزقة إلى مغادرة البلاد. وقد علمت محامون من أجل العدالة في ليبيا من نساء أعضاء في ملتقى الحوار السياسي الليبي أنّ التهديدات والاعتداءات تقوّض مشاركة المرأة في الشأن العام. وفي انتخابات العام 2012، شكّلت المرأة 45% من الناخبين المسجّلين ولكن هذا الرقم راح يتراجع شيئاً فشيئاً في الانتخابات المتتالية حتى وصل إلى 39%.
وقد أدّى التقاعس عن التحقيق في الاعتداءات ضدّ النساء والرجال وعن محاسبة الجُناة أو إحقاق الحقيقة والعدالة والجبر للضحايا وعائلاتهم إلى انتشار ثقافة الإفلات من العقاب و استمرار ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بلا حسيب أو رقيب في مختلف أرجاء البلاد.
وفي ظل استعداد ليبيا للانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر 2021، على السلطة التنفيذية المؤقتة العمل على إنهاء حلقة العنف وتوفير بيئة يشعر فيها جميع الليبيين بالأمان للمشاركة.
بهذا ، يجب على السلطة التنفيذية المؤقتة خلال الأشهر القادمة، مُعالجة سبع أولويات رئيسية منها ضمان حرية التعبير، وحرية التجمّع وتكوين الجمعيات، وتيسير عمل المجتمع المدني وتعزيز حقوق المرأة في السياسة. ختاماً لما سبق صرحت إلهام السعودي مديرة منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا قائلة : "لا بدّ من التحقيق في الاعتداءات والتهديدات التي تطال كلّ من يعبّر عن رأيه على الملأ وإخضاع مرتكبيها للمساءلة." ، وأضافت: "من دون العدالة لسهام سرقيوة وسائر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، ستكون كلّ عملية سياسية تسعى لبناء السلام المستدام في ليبيا معيبةً بصورةٍ جوهرية."