"محامون من أجل العدالة في ليبيا" تدين الاعتداءات الأخيرة على الأماكن المقدسة ودور العبادة في ليبيا
أبدت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" عن مخاوفها إزاء الأحداث الأخيرة التي ألمّت بليبيا، بما فيها، ما ألحق بعدد من أماكن العبادة الصوفية والمواقع التاريخية من انتهاك وتدمير وأعمال سرقة وسلب في كل من طرابلس، ودرنة، وزليتن، ومصراتة، وغيرها من المناطق، فضلاً عن عملية احتجاز ثلاثة صحافيين بتاريخ 25 أغسطس 2012 إثر قيامهم بواجبهم المهني في تغطية الاعتداءات في طرابلس، واختطاف إمام في 26 أغسطس 2012 أثناء مسيرة احتجاج سلمية نظّمت في شوارع طرابلس تنديدا بهذه الاعتداءات.
وتمثل عمليات الاعتداء والاعتقال والاختطاف نقطة تحوّل مثيرةً للقلق في عملية انتقال ليبيا إلى النظام الديمقراطي. كما أنها تؤكد أهمية احترام الحرية الدينية وحرية التعبير في دولة ليبيا الجديدة، وحماية تراثها ومواقعها التاريخية. ويقع على عاتق الحكومة الليبية اليوم مسؤولية ضمان التزام ليبيا بموجباتها الدولية التي يمليها عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، واتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. كما انه وفقأ للإعلان الدستوري الصادر في 3 أغسطس 2011، الذي هو بمثابة دستورنا المؤقت، فعلى ليبيا واجب حماية الحقوق اللغوية والثقافية لجميع شرائح المجتمع الليبي وضمان حقوق الليبيين جميعاً في الاحتجاج السلمي. وليس بمقدور الحكومة الليبية أن تحقق التزامها هذا بطريقة سلبية – لا بد لها من اتخاذ الخطوات الإيجابية لضمان سلامة المواطنين عند مبادرتهم إلى الاحتجاج بصورة سلمية.
بغض النظر عن الآراء الشخصية للمسؤولين عن الاعتداءات، الذين برّروا أعمالهم المشينة بوصفهم المعالم الدينية على أنها دور "لعبادة الأصنام"، يبقى أنّ هذا التدمير غير المبرّر ليس مقبولاً بموجب وثائق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية كافة التي صادقت عليها ليبيا، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والميثاق العربي لحقوق الإنسان. إبان الثورة في العام الماضي، احترم مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي "الثوار" وطائرات حلف شمال الأطلسي الحظر المفروض على تدمير الملكية الثقافية في أوقات الصراع. وبقيامهم بذلك، اعترفوا بأهمية التراث الثقافي الغني لليبيا في مساعدة البلاد على تحقيق الشفاء من بعد الصراع. وقد ألحق المدّمرون للأماكن المقدسة هؤلاء بتعصبهم في الإثنتين وسبعين ساعة الماضية ضرراً يتجاوز ما تسبب به النزاع المسلّح على مدى أشهره الستة.
وفي هذا السياق، أكّدت مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام السعودي، بقولها: "تمثّل هذه الاعتداءات العشوائية على دور العبادة وصمةً تشوب عملية انتقال ليبيا إلى الديمقراطية. وفي هذه الجريمة النكراء إشارة إلى التحديات التي تواجه عملية بناء دولة ليبية تحترم الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين وتؤمن لهم الحماية المطلقة من خلال سيادة حكم القانون."
وفي وقتٍ ترحّب فيه "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بإدانة الحكومة المحقة لهذه الاعتداءات، تبقى الحاجة ملحّةً إلى قيادة تحقيقات حثيثة للكشف عن هذه الأعمال، إحالة مرتكبيها للمثول أمام العدالة. إلى ذلك، تحث منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الحكومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية سائر المواقع الدينية والتاريخية التي قد تكون عرضةً لاعتداءات ممثالة.
كما أردفت السعودي قائلةً: "لا يتعلق الأمر بالمنافسات أو المخاصمات، دينيةً، سياسيةً أو غيرها. القضية هي أساساً قضية عدالة، ومسألة ضمان احترام الحريات الدينية، وحرية التعبير والحقوق الثقافية لليبيين، والمحافظة على تراث ليبيا. فهذه الاعتداءات هي تذكير بالدور الحيوي لعملية إعداد وصياغة دستور للبلاد، على نحوٍ يضمن عدم المس بهذه الحقوق المطلقة، وتطبيقها وصونها."