"محامون من أجل العدالة في ليبيا": يجب أن يحترم مشروع قانون العزل السياسي حقوق الإنسان
خل قانون العزل السياسي حيّز التنفيذ أمس، بتاريخ 5 يونيو 2013. يمنع هذا القانون الأفراد المرتبطين بنظام القذافي وكلّ من "اتخذ موقفاً معادياً لثورة 17 فبراير بالفعل، أو التحريض، أو الدعم المادي" من تولي المناصب العامة في الحكم لمدة عشر سنوات. تدين منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" قانون العزل السياسي على اعتبار أنه ينتهك حقوق الإنسان ويمثّل حجر عثرة أمام تحقيق المصالحة الوطنية. كما تشجّع المنظمة، الحكومة الليبية على اعتماد التقييد والشفافية عند تنفيذ هذا القانون.
في الخامس من مايو 2013، أقرّ المؤتمر الوطني العام قانون العزل السياسي. وكانت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" قد سبق وحذّرت المؤتمر الوطني العام من مغبّة إقرار قانون يشكّل عقبة في وجه تطبيق المحاكمة وفق الأصول القانونية. وفي هذا السياق أكّدت مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام السعودي: "إن استبعاد أي كان عن تولي المناصب العامة أو السياسية يجب أن يتمّ على أساس ضلوعه بارتكاب جرم، ومثوله أمام المحكمة لتقضي في أمره بحكم نهائي، لا على أساس مجرّد ارتباط هذا الشخص بالنظام السابق. فلغة القانون غير الواضحة تخضع لتفسيرات وتطبيقات اعتباطية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي حتماً إلى سوء استخدام هذا القانون في ظلّ عدم توفّر أشكال الحماية التي تؤمنها الإجراءات القضائية الملائمة."
إنّ تعديل الإعلان الدستوري الليبي بحيث بات يتضمّن حكماً يلغي المراجعة القضائية لدستورية قانون العزل السياسي ينتهك حقوق المدنيين، ومبدأ فصل السلطات، كما سبق وأشارت إلى ذلك منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا". ففي ظلّ غياب إمكانية الطعن في القانون على خلفية دستورية، لن يحظى الأفراد بأساس حقيقي للدفاع عن أنفسهم في وجه أي قرارات قد تنجم عن قانون العزل السياسي.
وفيما تقرّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بأنّ القانون قد أصبح اليوم واقعاً ملموساً، فهي تشدّد على أن يتم تنفيذ القانون في الجوهر على أساس استبعاد الأشخاص المشتبه بارتكابهم الجرائم، عوضاً عن فرض العقاب على أساس المعتقدات السياسية. ويندرج في هذا السياق تعليق السعودي: "لا ينبغي أن يستخدم قانون العزل السياسي كوسيلة للانتقام من مسؤولي النظام السابق والأخصام السياسيين. فإن التطبيق الاعتباطي للقانون ينتهك إعلان ليبيا الدستوري ويخالف التزاماتها الدولية باحترام حقوق الإنسان."
غنيّ عن القول إن آمال لييبا في إحلال السلام والأمن والمصالحة الوطنية على المدى الطويل تقوم بشكلٍ كبير على تصرّف الدولة بحسن نية. في حال استخدم القانون لاستبعاد قوى فاعلة أو مجموعات محدّدة ضمن المجتمع، ففي ذلك انتهاك لحقوق المواطنين المتمثلة في المشاركة السياسية، وحرية التعبير، والمحاكمة وفق الأصول القانونية، ليس هذا فحسب، بل إن تنفيذ القانون على هذا النحو ينتقص أيضاً من شرعية الحكومة على المدى الطويل ويؤدي إلى تفاقم الانقسامات بين أفراد المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، لا يفترض أن يخضع قانون العزل السياسي لأي تلاعب له علاقة بالمصالح السياسية. والطريقة الوحيدة لضمان ذلك تتمثل في تنفيذ هذا القانون باستقلالية وشفافية بحيث يمتثل مرتكبو الجرائم أمام المحاكم، ويحترم حقهم الأساسي في الحصول على محاكمة عادلة مراعية للأصول القانونية.
واختتمت السعودي بقولها: "نطالب بشدّة من السلطة التنفيذية في ليبيا تقييد نطاق تطبيق القانون وهذا ما لم يأخذه المشرعون في الاعتبار، ونناشدها تنفيذ القانون على نحوٍ يتوافق مع حقوق الإنسان ويأخذ المصالحة الوطنية في الحسبان".