رسالة مفتوحة لأعضاء مجلس النواب من منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"
حضرات أعضاء مجلس النواب،
تودّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن تتقدّم بخالص تهانيها لأعضاء مجلس النواب على بدء أعمالهم. ومن المعلوم أنّ تشكيل المجلس قد وافق في مرحلةٍ محورية على درب انتقال ليبيا إلى الديمقراطية، وهو يمثّل فرصةً هامةً للتوصّل إلى حلّ ناجح في ما يتعلّق بالاضطرابات السياسية والإجتماعية في البلاد. وعليه، تذكّركم منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بمسؤولياتكم الإلزامية تجاه ناخبيكم، وبصلاحياتكم المحدودة كأفرادٍ في الهيئة التشريعية، وبالشروط المحدّدة لولايتكم الديمقراطية. كما نناشدكم اتخاذ تدابير طارئة لمواجهة إنتهاكات حقوق الإنسان و الفظائع الإنسانية في ليبيا.
أسفرت الاشتباكات بين المجموعات المسلّحة المتنازعة في ليبيا عن سقوط عددٍ متفاوتٍ من الضحايا في صفوف المدنيين بين قتلى وجرحى. ففي شهر يوليو 2014 وحده، أفادت تقارير وزارة الصحة عن تسجيل 981 إصابةً و214 حالة وفاة نتيجة الصراع. وقد حالت الأضرار الجانبية والنزاعات بين المناطق دون وصول مجموعات بكاملها إلى الموارد الأساسية كالماء، والكهرباء، والوقود، والرعاية الصحية. وتبقى الاعتداءات العنيفة وعمليات الاغتيال بحق الأشخاص الذين يعبّرون عن أراءهم أمراً واسع الانتشار، ويبقى عرضةً للتهديد بشكلٍ خاص أفراد المجتمع المدني، والمحامون والقضاة، والصحافيّون. هذا وتضمّ مرافق الاحتجاز التابعة منها للدولة وغير التابعة لها أيضاً آلاف المحتجزين الذين يعيشون أملاً ضعيفاً في الخضوع لإجراءات محاكمة عادلة أو وفقاً للأصول القانونية. ويبقى التعذيب مُهيمناً أيضاً في مرافق الاحتجاز، فقد أفاد أحد التقارير أنّ من بين 138 محتجزاً تمّت مقابلتهم، أبلغ 100 محتجز عن تعرّضهم للتعذيب وغيره من أشكال الإساءة.
وتفيد الأدلّة المتزايدة أنّ عدداً كبيراً من المجموعات المسؤولة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تُدعم و تُمول من الأعمال الإجرامية . فقد أتاحت عمليات التهريب من تهريب البشر، والمخدّرات، والأسلحة للكثيرين بجني الأرباح من الأزمة المستمرة بصورة غير قانونية وغير أخلاقية. وقد تسببت هذه النشاطات الجرمية في تعطيل السلام فى البلاد.
على الرغم من هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولي ورغم هيمنة الأعمال الإجرامية يتمتع مرتكبو هذه الجرائم من أفراد ومجموعات بالحصانة الكاملة عن أعمالهم. في المقابل، قد يشكّل التغاضي المستمرّ من قبل الدولة الليبية عن هذه الأعمال الخطيرة جريمةً بحق الإنسانية. هذا ما تكون الحال عليه عندما تشكّل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، كالقتل، والتعذيب، والسجن غير المشروع اعتداءات منتشرةً على نطاقٍ واسع أو بشكلٍ نظامي ضد المدنيين وتتغاضى الحكومة أو تتقبّل هذه الجرائم، حتى وإن كان مرتكبو هذه الأعمال غير منتمين للدولة أو لا يتماشون مع السياسة التي تتبعها سلطات الدولة. فالمجتمع الدولي يرى في الجرائم ضدّ الإنسانية اعتداءً خطيراً على كرامة الإنسان وقد يتخذ تدابير بحق المرتكبين بما في ذلك مذكرات التوقيف والعقوبات.
إنّ بدء أعمال أعضاء مجلس النوّاب يمثّل فرصةً لتصحيح مسار الدولة واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الظلم. وبالتالي، من الأهمية إتخاذ مجلس النواب إجراءات مباشرة ضدّ مرتكبي هذه الجرائم، أفراداً ومجموعات. "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تدرك الصعوبات التى قد تمليها الظروف الحالية بليبيا على فاعلية تصرفات الدولة، ولكن ذلك لا يبرر التقاعس من قبل مجلس النواب عن مسئوليات الدولة والتزاماتها المحلية والدولية. فأن الفشل فى الإلتزام بتلك المسؤليات قد يترتب عليه إجراءات قانونية فى مواجهة الدولة على الصعيد المحلى والدولى. وعليه، تطالب "محامون من أجل العدالة في ليبيا" مجلس النواب باتخاذ التدابير التالية:
وتفضلوا بقبول وافر الإحترام،
محامون من أجل العدالة فى ليبيا