إلى: مكتب المدعي العام
صندوق البريد 19519
2500 CM ، لاهاي
هولندا
البريد الإلكتروني: otp.informationdesk@icc-cpi.int
الموضوع: معالجة مسألة الحصانة المنتشرة في ليبيا
حضرة السيّدة فاتو بنسودا الموقّرة،
توافق اليوم الذكرى الخامسة لاعتماد قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 1970 (2011) وإحالة الوضع السائد في ليبيا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. في هذه المناسبة، تودّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" أن تعبّر عن مخاوفها من أنّه، ومع انقضاء السنوات الخمس الماضية، لا يزال على مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يؤدي دوراً هاماً في وضع حدّ للحصانة التي يتمتع بها مرتكبو الجرائم الدولية في ليبيا وأن يسهم بالحدّ الكافي في منع الجرائم المستمرة.
وقد سبق لمنظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي تعمل على توثيق الجرائم المرتكبة في ليبيا أن أصدرت وبانتظام بياناتٍ عدة وكتبت إلى مكتب المدعي العام مباشرةً تحثّه على أداء دور ناشط أكثر في ليبيا. وبالتالي، فإنّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" تتوافق في الرأي مع تقييمكم للوضع باستمرار بما يفيد أنّ الجرائم المصنّفة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لا تزال ترتكب على يد مختلف الأطراف المتنازعة في ليبيا. مع ذلك، فنحن متخوّفون إلى حدّ بعيد من أنّ هذا الإقرار لم ينتج بعد في إصدار مذكرات توقيف جديدة بحق الجناة.
وتعدّ الحاجة ملحّةً بشكلٍ خاص اليوم لمشاركة مكتب المدعي العام نظراً إلى إخفاق هيئات الشرطة الوطنية باستمرار في قيادة التحقيقات وعن تعليق المؤسسات القضائية النظر في الدعاوى الجنائية في أنحاء عدة من البلاد. وفي شهر نوفمبر من سنة 2015 ، أشارت كلّ من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أنه وحتى في الحالات النادرة التي قامت فيها الشرطة برفع المحاضر، لم تتخذ الإجراءات اللازمة لفتح تحقيقات سريعة، وشاملة، وفعالة، ومحايدة، ومستقلة ولسوق الجناة أمام العدالة. وعلى حسب علم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لم تتم إدانة أي من مرتكبي الجرائم المنتمين إلى مجموعات مسلحة منذ العام 2011.
في ظلّ هذه الظروف، يبقى مرتكبو الجرائم المصنفة ضمن اختصاص نظام روما الأساسي في ليبيا قادرين على التنعّم بالحصانة الكاملة، في وقتٍ لا تتوافر فيه لضحايا هذه الفظائع أي وسيلة للوصول إلى العدالة. وعلى ضوء هذه الإخفاقات، وفي غياب المؤسسات الوطنية، نطلب منكم النظر في إمكانية منح الأولوية للسعي لتحقيق العدالة في ليبيا في سياق المسودة السياسة المقبلة المتعلقة باختيار الدعاوى وترتيبها حسب الأولوية.
تقرّ منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" بالقيود العملية والمالية التي يواجهها مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في الوقت الراهن، في ما يتعلق بتفعيل ولايته في ليبيا. ولكن، لم تبذل الجهود الكافية لدعم وحشد الجهات الوسيطة التي لا يزال بمقدورها أداء دور فاعل في توثيق الجرائم، كما أنّ التحديات التي يواجهها مكتب المدعي العام لم تنقل بشكلٍ ملائم بحيث يعلم بها الضحايا أو أفراد الشعب الليبي. وتعرب "محامون من أجل العدالة في ليبيا" في هذا السياق عن تخوّفها لكون هذه النشاطات لا تحتلّ الأولوية في الاستراتيجية الراهنة التي يتبعها مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تقوم على قيادة التحقيقات بما يتسق مع مذكرة التفاهم التي أبرمت سنة 2013 بشأن "تقاسم الأعباء في التحقيقات والملاحقات القضائية في ليبيا" مع الدولة الليبية (ويشار إليها هنا بـ"مذكرة التفاهم")، كما هو مشار إليه في تقريركم العاشر إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، في وقتٍ لم يتم فيه نشر مضمون مذكرة التفاهم بحيث يكون متاحاً للعامة، فقد ذكرتم في التقرير السادس إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنّ المقصد منها هو أنّ المكتب سيواصل التحقيقات "مع التركيز بشكلٍ خاص على المسؤولين المناصرين للقذافي خارج ليبيا." في مفهومنا، يعني ذلك أنّ التحقيقات الدائرة حالياً لا تمنح الأولوية للجرائم المرتكبة مؤخراً على يد الجناة المقيمين في ليبيا. وباعتقادنا، فإنّ مذكرة التفاهم قد تؤدي بالتالي إلى استمرار الحصانة، ونتيجةً لها، قد يرتهن وصول الضحايا إلى العدالة بمكان وجود الجاني.
وبالتالي، تسألكم منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الكشف عن مضمون مذكرة التفاهم للسماح للمجتمع المدني الليبي، بما فيه الضحايا وأسرهم، بالتواصل مع مكتبكم على نحوٍ هادف وأكثر شفافية. كما نشجّع المكتب على المشاركة في حوار أكثر نشاطاً مع المجتمع المدني الليبي عن طريق دعم أعمال الوسطاء المحتملين من خلال النشاطات التدريبية، والدعم المالي، وتوزيع أفضل الممارسات نحو التوثيق. فالأفكار النيّرة التي اكتسبها أصحاب الشأن الليبيون قيّمة وجوهرية لضمان عدم ضياع فرص التوثيق في وقتٍ يواجه فيه المكتب قيوداً ترتبط بالموارد والمخاوف الأمنية.
لا شكّ أنّ ليبيا ستواجه على مدى السنوات الخمسة المقبلة تحديات هامة على درب القضاء على الحصانة وتأمين العدالة الوطنية لجميع الضحايا الذين عانوا نتيجة الجرائم الخطيرة وانتهاكات حقوق الإنسان. في أثناء ذلك، تؤمن "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إيماناً شديداً بأنّ المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تؤدي دوراً هاماً وتكميلياً في المساعدة على وضع حدّ للحصانة ومنع تصعّد العنف في البلاد وفي المنطقة على نطاقٍ أوسع. نأمل أن يتمكن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من تحقيق هذه الإمكانيات والعمل مع المجتمع المدني من أجل التغلب على التحديات الكثيرة التي سيواجهها عند المضيّ قدماً.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والاحترام،
توماس إيبس
المدير بالوكالة
محامون من أجل العدالة في ليبيا